فاطمة عبدالله
منهمكاً يسابق الوقت، يمضي عاصي الحلاني أيامه هذه. نقتنصه من وسط انهماكه، ونستوقفه للسؤال عن رهبة المكوث ثلاثين ليلة في بيوت الناس. بأنفاسٍ متسارعة ووجهٍ باسم، يطلّ الحلاني متحدّثاً عن فرح الانتماء الى أسرة "العراب". التصوير جارٍ، ولا مجال لإضاعة الوقت، فنعجّل في طرح الأسئلة. الحلاني بشارب أسود وعَبْسة تشي بشخصية تضمر الشرّ. متحمّسٌ لدوره في المسلسل، فنسأله علامَ يراهن، وماذا ينتظر؟ ونسأله أيضاً عن مواجهة الجمهور وحجم القلق، وعن زخم المنافسة وخشية أن يلغي "العراب- نادي الشرق" (تعرضه "أل بي سي آي") "العراب" المعروض عبر "الجديد"، الذي يشارك الحلاني سلوم حداد وعبد المنعم عمايري وسلافة معمار في بطولته، خصوصاً أنّ العملَيْن مستوحيان من فيلم "العراب" لفرنسيس فورد كوبولا المأخوذ عن رواية "العراب" لماريو بيوزو بما تختزله من صراع لبقاء الأقوى.
نبدأ برهان الحلاني على الدور، ولماذا "العراب" بالذات؟ يشدّد على أنّ الهمّ منصبٌ في تقديم عملٍ على المستوى المُنتَظر. يتحدّث عن إنجازات حقّقها طوال مشواره الفني لا مكان فيها لضربة حظّ، بل لجهدٍ واصرارٍ وتعب. ويتحدّث أيضاً عن شغف البصمة وجمال أن يتمكن المرء من الإضافة حيث يحلّ. يروقه سؤالٌ عن الخوف من ردّ الفعل وما سيقوله الجمهور. "في كلّ عملٍ أقدّمه أشعر بالخوف. يتملّكني القلق وأخشى ألا أكون على حُسن الظنّ. ليس قلقي الآن سببه "العراب" فحسب. أنا هكذا: لا يفارقني القلق ولا هاجس إرضاء الذوق. أراهن على محبة الناس قبل أي رهان آخر. سأخبركِ أمراً: في "ذا فويس" كنت قلقاً أكثر مما أنا عليه اليوم في "العراب". قد يبدو ذلك مفاجِئاً، لكنها الحقيقة. هالني إمكان ألا يتقبّل الجمهور حبّي للمزاح والمرح. إنه الخوف الذي يرافق كلّ خطوة ويُحفّز على النجاح. في "العراب"، أؤدي دوراً أحبّه. أن تحبّ الدور يعني أن تؤديه بما تملك من استعداد".
فلنتحدّث إذاً عن الدور. لعلّكَ شريرٌ في هذا المسلسل؟ "نعم، أنا كذلك، وإنما ليس بالمعنى الروتيني للشرّ. أؤدي دور ابن العراب سلوم حداد، وأخوض صراعاً على مستويين: بيني وبين أخي (عبد المنعم عمايري) في مرحلة أولى، ثم بيني وبين أبي والعائلة بأسرها. إننا هنا وسط معركة إثبات الوجود، ضاربين الأخلاق والأواصر الإنسانية أرضاً. العمل 60 حلقة، نصوّر الجزء الأول لرمضان (30 حلقة)، فيما الجزء الثاني لموعد آخر. لن أفصح الآن إن كنتُ أنا نفسي سأستولي على كلّ شيء في نهاية هذا الجزء [هذا على الأرجح اتجاه العمل]. على المُشاهد أن يترقّب المفاجأة. دوري في المسلسل مزيجٌ من القسوة والمرونة الضئيلة. سأكون شريراً قاسياً، وفي الآن عينه، قد تتملكني رغبة في البكاء والتراجع عن كلّ سوء اقترفته. طبع الشخصية طمّاع، يطيح الآخرين بأعصاب هادئة. هو الصراع على النفوذ والتملُّك، وعلى جَرْف كلّ شيء. إننا هنا كأسماك تأكل بعضها البعض وفق نظرية صراع البقاء. ستحبون المسلسل. أستطيع أن أعد بذلك".
يثني الحلاني على روح الجماعة داخل أسرة العمل، ويرفض أن يكون وحده السبب في نجاحه المرتَقب. نسأله لماذا "العراب" بالذات [كتبه للتلفزيون حازم سليمان وأخرجه المثنى صبح]؟ يخبرنا عن عشق الدور منذ مشاهدته مُمَثلاً وقراءته روائياً. "هو الموضوع الذي شدّني لقبول العرض. لا أخفي أن عروضاً كثيرة انهالت عليّ، لكنّ "العراب" شأن آخر. وصَدَف أن الجهة المنتجة واقفت على عدم الضغط عليّ لجهة الوقت. لدي التزامات تمّ أخذها في الاعتبار، ومواعيد التصوير تجري بالتنسيق مع أعمالي الأخرى".
نختم بسؤال عن "العراب- نادي الشرق"، وماذا يشعر حيال احتدام المنافسة، ثم نتركه يتابع التصوير. يرى العملَيْن مختلفَيْن وإن حملا الاسم عينه واقتُبسا من مصدر واحد. لا يخشى ذوبان عملٍ في آخر، ولا مقارنة دوره بدور باسل خياط الذي يؤدي شخصية ابن العراب الأصغر. "المُشاهد لا يتابع عملاً واحداً فحسب. التلفزيون مفتوحٌ للجميع على مصراعيه، ولنا جميعاً مكانٌ تحت الشمس. لا أتطلّع الى نجاحات الآخرين بحقد. أتطلّع الى نفسي وقدرتي على المثابرة. أترك الرأي بي وبغيري للجمهور. نقدّم ما لدينا وننتظر. يعنيني العطاء الصادق الذي يخرج من القلب ولا يقبل مكاناً آخر سوى قلوب الناس".