كشف الدكتور روبرت شمرلينغ، محرّر منشورات الصحة في جامعة "هارفارد" الأميركية، أنّ النساء في متوسّط معدّل الأعمار يعِشنَ أكثر من الرجال.
ويشير شمرلينغ، إلى أنّه وبحسب الإحصاءات، فإنّ 57% من الأشخاص الذين يبلغون 65 عاماً أو أكثر من كبار السن هم من الإناث، وحتَّى في سنّ الـ 85 فإنّ النساء يشكّلن 67%، فمتوسِّط العمر أطول بحوالي 5 سنوات بالنسبة للنساء أكثر من الرجال في الولايات المتحدة الأميركية وحوالي 7 سنوات أطول في جميع أنحاء العالم.
ولكن، لماذا يموت الرّجال أولاً في المعدل المتوسط؟
وفقاً لشمرلينغ، هناك العديد من الأسباب التي تجعل نسبة الرجال إلى النساء (المتعادلة تقريبًا في مرحلة الشباب) تصبح أعلى لصالح المرأة مع مرور الوقت، أما عن العوامل والأسباب التي تقف وراء ذلك، فهي بحسب شمرلينغ:
تحمّل أكبر المخاطر
أحد الأسباب هو "المصير البيولوجي"، فالفص الجبهي من الدماغ في الجزء الذي يسيطر على الحكم والنظر في عواقب العمل يتطور ببطء أكثر لدى الذكور مقارنة بالإناث، وهذا من شأنه أن يسهم في أنَّ الكثير من الشباب والرِّجال يموتون في الحوادث أو بسبب العنف أكثر من الفتيات والنساء. ومن الأمثلة على ذلك ركوب الدراجات والقيادة في حالة سكر والقتل. هذا الميل نحو انعدام الحكم والنظر في العواقب قد يسهم أيضًا في نمط الحياة الضار بين الشباب مثل الإدمان على التدخين أو الإفراط في شرب الكحول.
لديهم وظائف أكثر خطورة
من الأسباب أيضاً، أنّ عدد الرجال يفوق عدد النساء في بعض من المهن الخطيرة بما في ذلك المعارك العسكرية وإطفاء الحرائق والعمل في مواقع البناء.
أمراض القلب في سنٍّ مبكرة
تشير الأرقام إلى أنّ 50% من الرجال هم أكثر عرضة من النِّساء للوفاة بسبب أمراض القلب، على اعتبار أنّ الرِّجال لديهم انخفاضٌ في مستويات هرمون الأستروجين أكثر من النساء وهو قد يكون جزءًا من السبب، لكنَّ المخاطر الطبية مثل المعاملة السيئة وارتفاع ضغط الدم أو مستويات الكوليسترول غير المواتية يمكن أن تسهم هي الأخرى في ذلك.
أحجام الرجال أكبر من النساء
في العديد من الأنواع، الحيوانات كبيرة الحجم تميل إلى الموت في سنِّ أصغر من الحيوانات صغيرة الحجم، على الرغم من أنَّ حجم هذا التأثير غير مؤكَّد في البشر إلا أنّه يميل للعمل ضدّ طول العمر لدى الرجال.
معدل الانتحار لدى الرجال أكبر من النساء
في الحقيقة فإنّ معدّل الانتحار لدى الرجال هو أكبر منه لدى النساء، على الرغم من أنّ الاكتئاب يعتبر أكثر شيوعًا بين النساء وأنهنّ يقمن بالكثير من محاولات الانتحار (لكنّها ليست مميتة). ويعزو البعض ذلك إلى ميل الرِّجال إلى تجنّب العلاج من الاكتئاب والمعايير الثقافية التي لا تشجّع الرجال على طلب المساعدة عند إصابتهم بالأمراض العقلية، لذلك يكون الانتحار خياراهم الأخير.
الرجال أقلّ ارتباطًا بالمجتمع
لأسباب غير واضحة تمامًا، فإنّ الأشخاص الذين لديهم علاقات مجتمعية أقلّ أو أضعف يميلون إلى أن تكون معدلات الوفاة لديهم أعلى، وهم بغالبيتهم من الرجال.
تجنّب الأطباء
وفقاً لـ"وكالة أبحاث الرعاية الصحية والجودة"، فإنّ الرجال كما هو متوقَّع يتجنّبون الفحوص الصحية الروتينية وأيضًا هم أقلّ رؤية للطبيب من النساء في أيّ أمر خلال السنة.
يخلص شمرلينغ، إلى أنّ الملعب غير المتكافئ للذكور يبدأ في وقت مبكر، فالكروموسوم (Y) يميل إلى تطوير الطفرات في كثير من الأحيان أكثر من الكروموسومات(X)، وعدم وجود كروموسوم (X) ثانٍ في الرجال يعني أنّ التشوّهات ليست "متخفّية" بنسخة ثانية عادية، البقاء على قيد الحياة في الرحم هو أيضاً أقل موثوقية لأجنّة الذكور (غير مؤكّد وربما لأسباب عدّة)، اضطرابات النمو هي أيضاً أكثر شيوعًا بين الذكور، بعض من هذه الأسباب يمكن أن تقصر متوسط العمر المتوقع.
ماذا يمكننا أن نفعل لمساعدة الرجال كي يعيشوا حياة أطول؟
يشير شمرلينغ إلى أنّه ليس هناك الكثير الذي يمكن عمله حيال بعض هذه العوامل ولكن البعض منها قابل للتعديل، فعلى سبيل المثال، ولأنَّ الرجال يميلون إلى تجنّب الرعاية الطبية حتى الآن أكثر من النساء، يمكن مساعدتهم على التحدُّث عن الأعراض التي تصيبهم (بما في ذلك الاكتئاب) والمتابعة المنتظمة للمشكلات الصحية المزمنة (مثل ارتفاع ضغط الدم) ويمكن أن يساعد في مواجهة البعض منها لمن يموتون في سنٍّ أصغر.
إشارة إلى أنَّ فجوة البقاء على قيد الحياة بين الرجل والمرأة تعكس المتوسِّط بين أعداد كبيرة من الناس، ففي الواقع فإنّ الكثير من الزوجات متنَ قبل أزواجهنَّ، بسبب عوامل الخطر الفردية (مثل التدخين والسكري أو تاريخ عائلي قوي لسرطان الثدي) ويمكن أن يتفوَّق الميل العام للمرأة أن تعيش لفترة أطول.
(مجموعة نون العلمية - منشورات جامعة هارفرد الصحية)