"التقليد الأعمى" أو هوس عمليات التجميل، ظاهرة انتشرت فى الآونة الأخيرة فى المجتمع، وأصبحت تهدد "ثقة" الكثير من الفتيات، وذلك للوصول إلى أقصى مقاييس الجمال التى فرضها المجتمع الغربي عليهن، ورغبة أغلبهن فى تقليد بعض الفنانات العالميات والتشبه بهن، لذا تلجأ الكثير من الفتيات لعمليات التجميل حتى يشبهن بعض الفنانات الشهيرات اللاتى يبرزن جمالهن بشتى الطرق، ما أثر على ثقة الفتاة العادية وجعلها أكثر رغبة فى الوصول لجمال وإطلالات النجمات.
السعي إلى الكمال
أكد الدكتور أحمد مكي في مركز جراحة التجميل، أن هوس بعض السيدات بعمليات التجميل متعلقة بأمراض نفسية، على رأسها الوسواس القهري، اي سعي الفرد الى الكمال من دون وجود اي خلل وهمي او حقيقي في مظهره الخارجي، والذي يتسبب بخلل في افراز مادة السيروتونين الموجودة في الدماغ ما يؤثر على مزاج الإنسان حيث يزيد من توتره واكتئابه. توازياً، كشفت الكتور مكي أنه يمكن رد الاضطراب الى جرح نرجسي لدى السيدة يهدد استقرارها النفسي، يترك اثره بصور متعددة منها القلق والهذيان المرتبط بالجمال . فلكل حالة خلفيتها، فقد تلجأ السيدة الى عمليات التجميل لكسب الاهتمام من قبل المحيطين بها، او لإغراء شريكها في محاوله لمنعه من الاعجاب بغيرها، كما ان وفرة المال، الترف ووقت الفراغ الزائد، قد تدفعها الى ذلك و إن كان اساس اجراء فتاة عملية تجميل مرضا نفسيا، فلن تقتنع بتغيير شكلها حتى لو حظيت باعجاب واستحسان المحيطين بها، لذلك من المفترض بجراح التجميل التعاون مع اخصائي نفسي لمعرفة خلفية مريضته قبل اجراء اي عملية لها، كي لا يحوّل مهنته الى تجاره ولتجنيب المريضة الصدمات النفسية، خيبات الأمل، المخاوف المرضية الوهمية وقلق الموت، كون اي عملية سواء تجميلية ام لا لها مضاعفات قد تكون خطيرة".
الهوس يبدأ قبل سن المراهقة!
من جهة أخرى، اكدت الدكتورة و المعالجة النفسية لينا حنوش في دراسة أجرتها عن "الهوس النفسي" عام 2017أن هوس التجميل يمكن ان يبدأ قبل سن المراهقة ، إذ انه قد تبدأ الفتاة منذ الصغر التشبه بوالدتها من خلال وعيها على مثل الام الذي يُظهر لها الصورة التي ستكون عليها عندما تكبر، او قد تضع هدفا لها ان تكون هي المثال في التحولات التي تعيشها. و في هذا الإطار، اذا كان تركيز الأم على شكلها وجسدها للابتعاد عن الامور الحساسة والصعبة، ستعيش ابنتها هذه المراحل، وستدخل في جو المظاهر، وبدلا من ان تنمو بتوازن بين الظاهر والباطن، ستعيش صراعا من الداخل.
الحماس لدى الفتاة التي تبلغ 11 او 12 عاما من العمر على الظواهر له علاقة ببيئة المنزل والاجتماعيات التي تكون اكبر من الحقيقة، والتي تركز على الامور الشكلية من دون منح الفرصة للصغيرات في التمييز بين الجميل والقبيح، لا توقف تربوي على النمو الداخلي، والهدف الاساسي نيل اعجاب البيئة الأولية اي افراد العائلة ومن ثم البيئة المحيطة اي المجتمع .
فبعض البيئات يهمها ان يكون الشكل مقبولا وظريفا، ما يشعر الفتاة بالنقص ان لم تكن تشبه والدتها، لا بل يتم تحديد نوعية الراحة من خلال الشكل، كالقول لها يجب ان تكوني جميلة وناجحة امام الاخرين، هنا يأخذ الجمال الصورة الاقوى تجاه الصورة الباطنية، وتجاه النمو الذي بدلا من ان يكون متوزانا يحصل العكس تماماً !