تستطيع المصارف اللبنانية رفض مدّ الدولة اللبنانية بالسيولة المطلوبة لكن هذه المصارف هي أعجز من أن ترفض طلبات مصرف لبنان، والأخير يعجز بدوره عن رفض تمويل الدولة.
على الدورة النقدية ان تكتمل في السوق اللبنانية فمن ودائع الزبائن الى المصارف ومن المصارف الى المقترضين من تجار وافراد والى ايداعات لدى مصرف لبنان المركزي بشكل احتياطيات نقدية او مقابل شهادات ايداع. فأين القطاع العام اي تمويل الدولة والحكومة؟
هذا الملف بات دقيقاً جداً مع تململ مصرفي من خطورة تمويل الانفاق الحكومي مع تعاظم الدين العام وضعف وضع الخزينة العامة. لكن استمرارية الدولة فوق كل اعتبار. وهنا يأتي دور مصرف لبنان المركزي الذي يجد نفسه معنيا مباشرة بتوفير المبالغ الضرورية لاستمرارية القطاع العام. وقد بادر منذ سنوات الى استعمال الكثير من السيولة النقدية لديه في تمويل الدولة.
ويبدو انه ذهب بعيدا في هذا الاتجاه الامر الذي دفعه مؤخرا الى اقناع المصارف اللبنانية بشراء السندات الحكومية التي في حوزته مقابل السيولة. ولتعزيز سيولته التي باتت ضعيفة جدا، وهذا ما صرّح به الحاكم رياض سلامه عندما كان في الامارات العربية المتحدة، وبذلك يكون مصرف لبنان قد استخدم سلطته على المصارف لدفعها الى حيازة كميات اضافية من سندات اليوروبوند الحكومية اللبنانية.
وعليه، فان مصرف لبنان لعب دوره في اكمال حلقة انتقال السيولة من المصارف اللبنانية الى القطاع العام. بيد ان المصارف اللبنانية التي تستطيع رفض تمويل الدولة مباشرة ليست قادرة تماما على رفض طلبات مصرف لبنان والذي بدوره لا يستطيع ترك الدولة اللبنانية تفتقر الى المال اللازم لتمويل نفقاتها الجارية ودفع الاجور في القطاع العام.
(طوني رزق - الجمهورية)