أولويات علاج أزمة الإسكان في لبنان: دعم المؤسسة العامة للإسكان، وإقرار قانون الإيجار التملّكي وعدم ربطه بقانون الإيجارات العام، وتطوير البنى التحتية ومشاريع الإسكان في المناطق. هذا ما يعتقده، على الأقل، كل من رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للإسكان عبد الله حيدر، ومستشار لجنة المال والموازنة النيابية غازي وزني، ومدير قسم البحوث والتحاليل الاقتصادية في مجموعة بنك بيبلوس نسيب غبريل، الذين التقوا في ندوة نظّمها مركز عصام فارس للشؤون اللبنانية بعنوان "السياسات الإسكانية والمضاربة العقارية".
توقع وزني أن تتفاقم أزمة السكن الحادة، بسبب ارتفاع كلفة السكن وتزايد الطلب من قبل النازحين السوريين، وضعف إمكانيات الأسر، وبالتالي ضعف سوق الإيجار، وغياب سياسات إسكانية عامة، وتركز طلبات السكن في العاصمة وجوارها، وعزا أسباب صمود القطاع العقاري إلى ندرة الأراضي وانحسار المساحات الصالحة للبناء، وإلى ملاءة غالبية المطورين العقاريين وتحولهم إلى الشقق الصغيرة والمتوسطة الحجم، وإلى دعم مصرف لبنان للقطاع العقاري.
ودعا وزني إلى سياسة إسكانية تشمل إقرار قانون جديد للإيجار يُنصف المالك ولا يرمي المستأجر في الطريق، تحرّر بموجبه تدريجاً عقود الإيجارات القديمة خلال فترة زمنية لا تقل عن ست سنوات، تضاف إليها ثلاث سنوات أخرى تُزاد خلالها بدلات الإيجار بصورة تدريجية، بالإضافة إلى إقرار مشروع الإيجار التملكي، وتحديد النسب المجازة سنوياً للمالكين في رفع أسعار الإيجارات. كما اقترح إجراءات تزيد عروض السكن من خلال زيادة عامل الاستثمار في بعض المناطق خارج العاصمة، وقيام الدولة ببناء مجمعات سكنية على المشاعات، وإنشاء القطاع الخاص مناطق سكنية خارج العاصمة، ودعا إلى اتخاذ إجراءات ضريبية تضبط أسعار السكن، كاستحداث ضريبة على الربح العقاري وعلى الشقق الشاغرة، ورفع الضريبة على أرباح الشركات العقارية.
الحل لتمكين أكبر قدر من اللبنانيين من تملّك مسكن لا يكون بتدخّل الدولة مباشرة ببناء مساكن شعبيّة، بل بالتزام الدولة دور التشريع والتخطيط المدني، يقول غبريل، داعياً إلى العدول عن فرض ضرائب جديدة على القطاع العقاري، واستبدال هذه الضرائب بحوافز، ورفع مستوى الدخل من خلال تحفيز النمو الاقتصادي، وتخفيض الاستدانة والعجز في الموازنة العامة، ما يخفف الضغوط على مستوى الفوائد، لأن ارتفاع الأخيرة يرفع كلفة الاستدانة، وبالتالي كلفة القروض السكنية.
وشدّد غبريل على تطوير البنية التحتية في المناطق النائية خاصة، وإعطاء حوافز وإعفاءات ضريبية طويلة الأجل للشركات التي تنتقل إلى هذه المناطق، ودعا إلى إقرار مشروع قانون الإيجار التملكي، وإجراء مسح سكاني لتقدير نسبة النمو السكانية، وخصوصاً في بيروت، كخطوة أولى لتخطيط مدني من شأنه أن يخفف الاكتظاظ السكاني والضغوط المتزايدة على البنية التحتية.
وأشار غبريل إلى أولوية دعم المؤسسة العامة للإسكان، مؤكداً ضرورة هندسة وإطلاق مؤشرات تعكس اتجاهات الحركة العقارية في لبنان، وخصوصاً الطلب، مثل مؤشر للأسعار، ومؤشر سرعة بيع الشقق والعقارات.
مؤشر "بنك بيبلوس" للطلب على العقارات في لبنان يعكس تراجعاً حاداً في الطلب منذ منتصف 2010، واستقراراً للطلب على مستويات منخفضة منذ نهاية 2011 وحتى اليوم، ولفت غبريل الى أنه لا يمكن مطالبة المصارف بخطوات إضافية على صعيد التسليف الإسكاني، نظراً إلى ارتفاع القروض السكنية والتسليفات للمقاولين إلى حوالى 30% من التسليفات المصرفية للقطاع الخاص، وارتفاع هذه القروض من مليار دولار أميركي في 2005 إلى 7,84 مليارات دولار أميركي في حزيران 2013، بعدما سمح مصرف لبنان عام 2009 بتحرير 60% من قيمة القرض من الاحتياطي الإلزامي، وحدد الفائدة بـ 40% من الفائدة على سندات الخزينة لمدة سنة زائد 3%.
عدد القروض التي منحتها المؤسسة العامة للإسكان عام 2013 بلغ 5701 قرض، أشار حيدر، لافتاً إلى تركّز القروض في جبل لبنان والمتن الشمالي تحديداً، حيث بلغت نسبة القروض الممنوحة 33 في المئة من إجمالي القروض عام 2013. وعزا حيدر تركّز القروض في جبل لبنان إلى إقبال المواطنين على تملك منازلهم قرب أماكن عملهم، وخصوصاً في ضواحي العاصمة، وتجنب المصارف إعطاء قروض في بعض المناطق لأسباب خاصة بها، وعدم مسح أجزاء شاسعة من لبنان وخصوصاً في الأرياف، إضافة إلى تمنع بعض المصارف عن إعطاء قروض للبناء، باستثناء 5 مصارف من أصل 29 مصرفاً متعاوناً مع المؤسسة، منوّهاً بأن الغالبية العظمى من المقترضين تواظب على تسديد الاقساط المترتبة عليها الى المصارف، فلا تتعدى نسبة المتخلفين عن الدفع 1%.
(فراس أبو مصلح - الأخبار)