Homepage »     Skip page »

ليس دفاعاً عن طوني خليفة...

داني حداد

ليست هذه السطور دفاعاً عن طوني خليفة بفعل الزمالة والانتماء الى مؤسّسة إعلاميّة واحدة، لا بل أنّنا نعترف بأنّ الإعلامي المشاغب بالغ أخيراً في موقفه غير المتضامن مع المرأة المعنّفة حتى كاد يساوي في المسؤوليّة بين الرجل المعنِّف والمرأة التي ترفع صوتها اعتراضاً على ذلك وتلجأ الى الجمعيّات المتخصّصة للدفاع عنها.

ربما يحقّ للمشاهد، كما للإعلامي، أن ينتقد خليفة على هذا الموقف. ومن حقّ الإثنين أيضاً أن يعتبرا أنّ مقدّم برنامج 1544 لم يكن حازماً كفاية في مقاربته لقضيّة اعتداء المحامي أمين أبو جودة على زوجته، وهو اعتداءٌ صارخ وواضح وموثّق، ولو أنّه يسجّل لخليفة أنّه التزم القانون الذي يمنع التشهير قبل صدور حكمٍ قضائي، والقرار القضائي الصادر في هذا المجال والذي منع عرض فيديو الاعتداء. إلا أنّ الزمن إعلاميّاً، للأسف، ليس لاحترام القوانين بل لمخالفتها وللفضائح ولو على حساب الكرامات.

ولكن، ما لا يجوز أبداً أن يقوم بعض الإعلام بمهاجمة خليفة لأنّه قام بالادّعاء على ناشطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي اتّهمته مباشرةً بتقاضي رشوة من أبو جودة. فالرجل لم يقم بشتم الفتاة، ولا أهانها، ولا أرسل لها "قبضايات" للاعتداء عليها، ولا عنّفها على طريقة أبو جودة، بل لجأ الى القضاء ليحصّل حقّه... وهذا من حقِّه.

لا بل أنّ الإعلام مطالب هنا بالتضامن مع خليفة، لأنّه لا يجوز أن تتحوّل مواقع التواصل الاجتماعي الى متاريس يُرجم من خلفها الإعلاميّون ويُتّهمون مرّة بالتواطؤ ومرّة بالابتزاز ومرّات بتقاضي الرشوة... وهذا ما حصل مئات المرّات قبل حادثة خليفة، ومرشّح لأن يتكرّر مئات المرّات أيضاً ما لم يحاسب القضاء على ذلك. ومثل هذه الاعتداءات اللفظيّة تشكّل التعدّي الأكبر على الحريّة الإعلاميّة لأنّها تتحوّل أحياناً الى أداة ضغط على الإعلامي، أمّا اللجوء الى القضاء فهو أسمى أساليب التعبير التي يستخدمها الإعلامي، في حين يستخدم آخرون منابرهم لتصفية الحسابات والتشهير... والأمثلة على ذلك كثيرة.

وإذا كان طوني خليفة لجأ الى الأساليب القانونيّة لحماية كرامته والدفاع عن نفسه وعن صورته الإعلاميّة التي بناها بتراكم السنوات والخبرة والجهد، فلا يجوز أن يُرجم بالاتهامات دفاعاً عن شعار "الحريّة الإعلاميّة" الملتبس كثيراً في هذه الحالة، كما لا يجوز الخلط أبداً بين خيار خليفة واللغط الحاصل حول قانونيّة عمل مكتب مكافحة الجرائم الالكترونيّة... وهو ما لا يتحمّل مسؤوليّته لا خليفة ولا غيره ممّن تُحوّل شكواهم من القضاء الى المكتب. وهذه قصّة أخرى تحتاج الى نقاشٍ آخر.

ولكن، لا بدّ ختاماً من سؤال بسيط: ماذا سيفعل الإعلاميّون المنتفضون من أجل "الحريّة الإعلاميّة" لو اتّهم أحدهم بتقاضي الرشوة؟

Homepage »     Skip page »