Homepage »     Skip page »

شقة بـ40 ألف دولار! الحذر واجب

أهالي القنابة ـ بسفرين ـ الزاهرية رفعوا عريضة ضد بناء المشروع في بلدتهم (مروان بوحيدر)

رلى إبراهيم

أعلنت «جمعية دعم الشباب اللبناني ــ C.R. Group» في الثامن من الشهر الجاري إطلاق مشروعها السكني تحت عنوان مغر جدّاً: «بدك بيت بـ40000 دولار أميركي؟»، ودعت الراغبين في تملّك شقة الى تقديم طلباتهم في مكاتبها في الدورة، يومياً من التاسعة صباحاً لغاية الثامنة مساءً، حتى آخر شهر آب، مصطحبين مبلغاً بقيمة 100 دولار كرسم إلزامي لدراسة كل طلب! وخاطبتهم على صفحتها على فايسبوك بعبارة «حضروا المستندات المطلوبة وقدموا الطلب، تالحلم يصير حقيقة، وتتملكوا شقة بلبنان بظل ارتفاع الأسعار».

بحسب أحد العاملين في الجمعية، لبّى نحو 18 الف شخص النداء حتى الآن، وهذا ليس مستغرباً في ظل التوق الى إيجاد مسكن بسعر منخفض. لكن الجمعية ترفض الاعلان عن الرقم الحقيقي لعدد الطلبات المقدّمة حتى الآن، وهناك من يقول إن الرقم أدنى من المذكور ولكنه مرتفع، ما يعني ان C.R. Group جمعت مبالغ لا بأس قبل ان يكون هناك أي أساس يمكن الاستناد اليه لتقييم مشروعها ومخاطره وقدرة أصحابه على تنفيذه. فما يُطرح لم يتعدّ كونه مجرد فكرة مغرية على الورق وفي الدعايات؛ فلا الارض موجودة ولا الرخص ولا الاتفاقيات مع المصارف وغيرها من الممولين!

اتصلت «الأخبار» برقم مكتب الجمعية الواقع في سنتر مار يوسف في منطقة الدورة للاستفهام عن شروط شراء الشقة، فأشارت العاملة هناك إلى وجوب تأمين إفادة سكن وورقة معاش وإخراج قيد إفرادي ومئة دولار والقدوم إلى مكتب الجمعية لتقديم الأوراق المطلوبة حتى يصار إلى فتح الملف. المئة دولار هي كلفة فتح الملف، وبالتالي سيخسر مقدّم الطلب هذا المبلغ في حال رفض طلبه. تتابع العاملة عبر الهاتف: «بيتقدم الملف دغري عالبنك، وبعد 3 أشهر تأتي الموافقة فتزوريننا حضرتك لتوقيع الكونترا ودفع الدفعة الأولى». ولدى سؤالها إن كانوا يتعاملون مع مصرف محدد وإمكانية تقديم الطلب مباشرة في المصرف، تقول: «لأ، نحن نتعامل مع كذا بنك، ونحن منظبطلك الطلب». والسؤال الأخير هنا: أين يقع المشروع تحديداً؟ تجيب: «في بعبدات».

شربل شواح: الأرض التي استثمرت الجمعية فيها تعود ملكيتها الى جورج عون

 بالانتقال إلى بعبدات، سمع كثيرون بالمشروع الذي يفترض أنه يحتوي 600 وحدة سكنية تتراوح أسعارها بين 47 و118 ألف دولار، لكنهم لم يروا شيئاً. رئيس بلدية بعبدات نبيل سلهب يؤكد لـ»الأخبار» أن «المشروع لا يقع أبداً في نطاق بلدية بعبدات. لعلهم يستعملون اسم قريتنا لجذب الزبائن فقط». ويضيف رئيس المجلس البلدي أن الموقع الحقيقي للمشروع يقع في منطقة حرجية في منطقة القنابة – بسفرين – الزاهرية، على عقار يملكه جورج عون.

مالك الارض جورج عون نفى لـ»الأخبار» أن تكون جمعية «دعم الشباب اللبناني» قد اشترت الأرض منه، مشيراً الى أن «الديل لم يركب، ولا نية لديّ لبيع هذه الجمعية بالذات».

تروي مصادر مطلعة في بلدية بعبدات أن مفاوضات جرت فعلاً بين الجمعية ومالك الارض، إذ طلب عون مبلغ 6 ملايين دولار لبيع أرضه، لكن الجمعية عرضت تسديد مبلغ 3 ملايين دولار، على ان يجري تسديد بقية السعر على دفعات لاحقة بعد البدء بتنفيذ المشروع، وطلبت السماح لها بإطلاق «الدعايات» قبل إتمام عملية البيع كي يتسنى لها جمع مبالغ من رسم دراسة الملف عند تقديم الطلب ومن الدفعات الاولى التي سيسددها المشترون بعد 3 أشهر! مدّعية أنها جمعية لا تبغي الربح، وأنها لا تملك رأس مال سوى ما سيسدده المشترون!

وكان رئيس الجمعية المحامي شربل شواح قد صرّح لموقع «النشرة» الإلكتروني بأن «الجمعية قصدت المجلس الاعلى للتنظيم المدني قبل البدء بأي اجراءات، وحصلت على موافقة مبدئية من المجلس»، لكن مصادر في التنظيم المدني تنفي أن تكون الجمعية قد سجلت أي طلب رسمي لبناء مجمع سكني في قضاء المتن الشمالي أو غيره من الأقضية. في الواقع، إن ما تلقاه التنظيم المدني هو عريضة موقّعة باسم أهالي القنابة – بسفرين – الزاهرية للاعتراض على ترخيص مشروع بناء يتضمن 600 وحدة سكنية في بلدتهم. وبحسب نصّ الشكوى، الذي نشرته «النشرة»، فإنّ الأهالي علموا عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي بوجود هذا المشروع، وهم يعترضون عليه، لأن البنى التحتية قديمة العهد ومعدّة أصلاً لأقلّ من مئة وحدة سكنية، فلا يصحّ إطلاقاً تحميلها أكثر من ستة أضعاف قدرتها الاستيعابية، كذلك فإنّ طرقات القرية قديمة وضيقة وتضمّ عدداً من الجسور القديمة العهد التي لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال أن تتحمّل هذه الإضافة السكانية الهائلة غير المرتقبة أصلاً، إضافة إلى أنّ شبكات المياه والكهرباء غير كافية إطلاقاً، كذلك لا يوجد في القرية شبكة للصرف الصحي (مجارير). وأشارت العريضة إلى أنّ قرى القنابة – بسفرين – الزاهرية تضمّ أحراجاً كثيفة من الصنوبر، وهي الأحراج الوحيدة المتبقية في كلّ قضاء المتن، وبالتالي إنّ بناء 600 وحدة سكنية سيؤدّي حتماً إلى إتلاف جزء كبير من هذه الأحراج، ما يسبّب أضراراً بيئية فادحة وخطيرة.

ليس هناك مجلس بلدي في القنابة – بسفرين – الزاهرية، بل مخترة فقط، ما يعني أن كل طلبات الترخيص للحفر أو البناء فيها تمر بقائمقامية المتن. وبحسب مصادر قائمقامية المتن، لا يوجد أي طلب مقدم من الجمعية لديها.

هذه الوقائع دفعت «الأخبار» الى الاستفسار من المحامي شواح، فنفى كل ما يقال عن أن الأرض غير موجودة، مؤكداً أن «الأرض التي استثمرت الجمعية فيها تعود ملكيتها الى جورج عون، والأهالي الذين تقدموا بشكوى ضد المشروع ليسوا سوى تجار بناء يسعون الى إبقاء سعر المتر مرتفعاً في بلدة القنابة - بسفرين - الزاهرية. ويضيف الشواح أن كل شيء يسلك مجراه القانوني «ومستنداتنا موجودة في التنظيم المدني وفي مصرف لبنان ولدى رئيس الجمهورية السابق. نعمل على هذا المشروع منذ 3 أعوام، والدولة هي التي هربت منا بعد أن سعينا للضغط عليها من أجل إنشاء وزارة إسكان أسوة بكل البلاد المتحضرة، وقد قمنا بإعداد دراسات تجنب الدولة الاستدانة من البنوك الدولية وتتيح لنا بناء شقق بـ40 ألف دولار». أما في ما خص المصارف التي تتعامل الجمعية معها، فيجيب شواح: «لا يمكن لنا استدراج العروض من المصارف والمستثمرين على السواء، قبل تأمين طلبات شراء من الشباب وإبرازها لهم. لذلك دعونا كل من يرغب في شقة مماثلة الى التقدم بطلب في مكاتبنا، وذلك حتى يتسنى لنا بعدها مناقشة المصارف والمستثمرين ونيل موافقة على القروض المدعومة من مصرف لبنان». ويهم الشواح القول: «لي ما بيعرفنا وما بيوثق فينا ينطر سنتين ويشوف إذا مشروعنا وهمي أو مش وهمي. هلق عم ندرس ملفات الكل، والمقبولين بيندعوا ليدفعوا دفعة أولى وببلشوا يقسطوا بالبنك».

جورج عون: «الديل لم يركب ولا نية لديّ لبيع هذه الجمعية بالذات»

من جهة أخرى، يؤكد أن الجمعية تسعى لتأمين كل المستندات والتدابير اللازمة حتى تنال الترخيص من التنظيم المدني، خاتماً بأن الملف الذي يفترض بالمواطن ملؤه هو عبارة عن استمارة مطبوعة، وكوني محامياً حرصت على نشر الشروط القانونية للعقد على صفحتين حتى لا يأتي من يقول لنا: «تضحكتوا عليي».

تجاهل المواطنين لعرض شواح صعب جداً، فهو يعد بمشروع ضخم 70% من مساحاته خضراء مقابل 30% من البناء. الشقة التي تبلغ مساحتها 80 متراً بـ47 الف دولار، الدفعة الاولى 5 آلاف دولار وتقسيط 115 دولاراً على 30 عاماً مع فائدة 1.5 في المئة فقط. شقة 100 متر بـ76 الف دولار، الدفعة الاولى 7 آلاف دولار وتقسيط 200 دولار على 30 عاماً مع فائدة 1.5 في المئة فقط. شقة 120 متراً بـ97 الف دولار، الدفعة الاولى 9 آلاف دولار وتقسيط 250 دولاراً على 30 عاماً مع فائدة 1.5 في المئة فقط. شقة 140 متراً بـ118 الف دولار، الدفعة الاولى 11 الف دولار وتقسيط 300 دولار على 30 عاماً مع فائدة 1.5 في المئة فقط، علماً بأن الأسعار التي بدأت بـ40 ألف، بحسب تسمية المشروع، تعدلت قليلاً بعد أن «طرحت الجمعية المشروع منذ عام على الدولة والوزارات المعنية كافة، للبناء على مشاعات وأراض أميرية، وقد منيت هذه المحاولة بالفشل، ما دفع الجمعية الى التوجه الى القطاع الخاص لشراء الأراضي»، بحسب المسؤولة الاعلامية في الجمعية ريم حرب.

يعلّق أحد الخبراء بأن المشروع الذي تطرحه الجمعية ــ المجموعة (أو الشركة) يدفع الى الشك، أو في أحسن الاحوال يدفع الى التحذير من مخاطره المرتفعة على المشترين؛ فكلفة البناء من دون سعر الارض تتراوح حالياً ما بين 400 دولار و850 دولاراً، تبعاً للمواصفات ونوعية التشطيب، في حين ان الجمعية تعرض بيع المتر المبني بما فيه سعر الارض بسعر يتراوح ما بين 587 دولاراً و843 دولاراً، أي إنها تعرض أدنى المواصفات على أساس سعر منخفض للأرض، وتتقاضى سعر الكلفة «على حدّ السكين» من دون أرباح، بحسب تعبيره... ففي حال كانت النيات حسنة لدى أصحاب المشروع، فما هي خططهم لمواجهة أي مخاطر يمكن أن تترتب عن عوامل السوق والادارة والعجز عن السداد وسوى ذلك من مخاطر يمكن أن يتعرض لها أي مشروع. يتردد هذا الخبير في الجزم، لكنه يلفت الى أن «الجمعية» ستحصل على «كنز» معلومات عن الراغبين في الشراء، وهذا «الكنز» سيفيد أي جهة ترغب في الدخول الى سوق البناء السكني!

في الحصيلة، لا تقول الجمعية إنها تملك أرضاً أو إنها بدأت الحفر. كل ما في الأمر أنها تدعو كل من يرغب في الحصول على شقة أن يعطيها مئة دولار. لم تقل إن الحصول على الشقة مضمون مئة في المئة؛ هي توحي بذلك، لكنها تحرص على عدم قوله. ويبقى اللافت أن الجمعية تحدد في بيان العلم والخبر، الذي نشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 12 حزيران 2014، غايتها بأنها: «المساهمة في اقتراح حلول لدعم الشباب اقتصادياً واجتماعياً وتوعية الشباب على فهم القوانين واحترامها وتنفيذها والمساهمة في العمل على مكافحة فساد الدولة واحترام حقوق الانسان»، أي إن أهدافها لا تتضمن بناء المساكن. أما المؤسّسون فهم ثلاثة أشقاء (شربل والياس وجويس حنا شواح) وثلاثة أشقاء آخرين (سامر وماهر وأدال وليد واكيم)، إضافة الى نهى خليل عون.

الأخبار

Homepage »     Skip page »