هنادي دياب
مرّ عشرون عاماً تقريباً من دون أن تظهر عبر وسائل الإعلام. عشرون عاماً اختارت فيهم الصمت والابتعاد عن الاضواء، وعمّا يسمّى "الساحة الفنيّة". إلا أنّها اختارت أن تخرج عن صمتها، فكان هذا الحوار الخاص بموقع mtv، وتحديداً بصفحة Stars التي يسرّها أن تستقبل الفنّانة المعتزلة بخيارها، على الرغم من أنّها لم تَعُدْ ترغب في إجراء المقابلات ولا الإدلاء بتصريحات بعد غيابها عن الغناء فترة طويلة.
تتكلّم رحمة بحرقة قلب عندما نسألها عن سبب غيابها عن الإعلام وعن الساحة الفنيّة منذ فترة طويلة، فتقول "إنّ الاعتزال لم يكن وارداً أبداً في حساباتي وهذا القرار الذي اتّخذْتُهُ كان صعباً عليّ لأنّني بذلتُ جهداً كبيراً لأصل إلى ما وصلتُ إليه في مسيرتي الفنيّة، وأعترف أنّ الحزن كان يملؤني عندما قرّرتُ الانسحاب من عالم الأضواء".
لم يكن لاعتزالها الغناء سبب يتعلّق بحياتها الشخصيّة. تؤكّد رحمة أنّه لم يخطر في بالها يوماً الابتعاد عن الأضواء، غير أنّ عدم اتّفاقها مع شركة الإنتاج "روتانا" التي وقّعت معها عقداً، وصل إلى حدّ رفع الدعاوى القضائيّة وإلى تطوّر النزاع بين الطرفين بسبب عدم التزام الشركة بالبنود المتّفَق عليها والواردة في العقد، ما دفعها إلى اتخاذ قرار الابتعاد. وتعترف بأنّها لم تندم بتاتاً، ولكن الحنين إلى عالم الشهرة والمسارح والزمن الراقي لا يزال يزورها من وقت إلى آخر.
عن عودتها إلى الغناء، تؤكّد رحمة، وهي التي كانت بداياتها في عمر يناهز الثلاثة عشر عاماً، أنّ هذا الأمر غير وارد خصوصاً وأنّ مرحلة نضوج صوتها ولّت. فعمر اعتزالها تخطّى العشر سنوات وباتت تربية ابنها وتكريس الوقت له ولعائلتها والاهتمام به من أولويّات حياتها. ولكن إذا راودتها الفكرة، فلا يتخطّى عملها الجديد أغنية للجيش اللبناني أو ترنيمة للسيّدة العذراء.
وعمّا إذا فكرّت في إعادة تسجيل أغنياتها ليتعرّف إليها الجيل الجديد، تعبّر رحمة بسخرية وامتعاض أنّ هذا الأمر غير مجدٍ طالما أنّ هناك مَنْ "يتولّى" هذه المهمّة عنها. فتقول: "لا داعي لأنّ أخطي هذه الخطوة طالما أنّ بعض المغنّيات، مثل نجوى كرم، يأخذن الأغنية ويجدّدنها وينسبنها لنفسهنّ بلا أيّ استئذان". وتضيف: "فوجئتُ السنة الفائتة بأغنيتي على الإذاعات اللبنانيّة "إسرج بالليل حصانك"، وكتبها لي الشاعر أنطوان وطفا ولحّنها وغنّاها معي الملحّن إيلي شويري، والتي أعادت غناءها نجوى كرم من دون حتّى أنّ تتّصل بي لتستئذنني وتأخذ موافقتي كوني صاحبة الأغنية".
وتتّهم داليدا رحمة نجوى كرم بأنّها تفتقد إلى قيمتَي الاحترام والذوق تجاه الفنّانين القدماء الذين تجدّد لهم الأغاني وتعيد تسجيلها بصوتها من دون الرجوع إليهم كأغنية لسميرة توفيق كانت كرم أعادت تسجيلها فعاتبتها توفيق، منذ فترة قصيرة، وفق ما قالت رحمة. وتضيف أنّه يبدو أنّ "كرم نسيَتْ مَنْ ساعدها وأوصلها إلى الشهرة".
لا تتابع داليدا النشاطات الفنيّة الحاليّة، فهي "تراقب" من بعيد وتحبّ صوت وائل كفوري وتصفه بـ"الرائع"، كما صوت ملحم زين ووائل جسّار. وتبدي إعجابها بأغنية سمير صفير "في ناس" وبأدائه وإحساسه وصوته الذي تعتبره مميّزاً.
لا تندم داليدا على خطوة خطتها خلال مسيرتها الفنية ولكنّها كانت تفضّل لو لم تسجلّ بعض الأغنيات التي غنّتها باللّهجة المصريّة رغم أن ملحّنيها كانوا من "الكبار" وقتذاك. إلاّ أنّها وجدت نفسها في بيئتها اللبنانيّة أكثر.
وبين مستوى الفنّ ماضياً وحاضراً، ترى رحمة أنّ الأغنية اللبنانيّة إلى تراجع وتدهور مقارنةً مع ما كان يصدر من موسيقى قبل عشرة أعوام. إذ أنّ "كان لبرنامج "ستديو الفنّ" رهبة كبيرة، خصوصاً بوجود لجنة تقييم كان جميع أعضائها من أهمّ الخبراء في مجالهم خلافاً لما هو سائد اليوم، حيث تنقص الخبرة والثقافة الموسيقيّة لدى أعضاء اللجان في برامج الهواة". "ونادراً ما نسمع أغنية مميّزة كلاماً ولحناً". كما تربط الأمر بأنّ دول العالم العربي لم تعد تعطي اهتماماً للفنّ في ظلّ الواقع المرير الذي تعيشه المنطقة العربيّة اليوم.