جنى جبّور
فقدان الأسنان أمرٌ شائع لدى تقدُّم الناس في العمر، وكان يحَتّم في الماضي وجوبَ اللجوء إلى التركيبات الثابتة أو المتحرّكة، والتي كانت تخيف المرضى بسبب تعدّد أثارِها الجانبية، فضلاً عن الوقت الطويل الذي تتطلّبه عملية الزرع. إنّ تطوّر أبحاث زراعة الأسنان والأدوات المستخدمة، قدّمَ الحلّ لهذه المشكلة، وذلك عبر زراعة الأسنان بطريقة حديثة، بعد خلعِ الأسنان التالفة مباشرةً.
ويُخبرنا عن هذه التقنية الجديدة في الزرع الاختصاصي في جراحة الفم وطبّ وزراعة الأسنان الأستاذ في الجامعة اللبنانية الدكتور ناجي البدوي، ويقول: «يظنّ البعض أنّ زراعة الأسنان تخصّ الأفراد المتقدّمين في العمر الذين فَقدوا أسنانهم نتيجة تقدّمِهم في العمر، إلّا أنّ زراعة الأسنان لا تنحسر بعمر معيّن، بل تتحدّد وفقاً لحاجة الفرد في جميع حالات فقدان الأسنان، سواء أكانت ناتجة عن الشيخوخة أو عن التسوّس أو أيّ سبب آخر».
مضيفا أنّ «الطريقة التقليدية في زراعة الأسنان كانت ترعِب المرضى بسبب المساوئ المرتبطة بالعلاج، فطقمُ الأسنان غير المستقر مثلاً لا يَدعم الأنسجة الرخوة في الوجه بشكل كافٍ فيؤدّي إلى ارتخاء الشفَتين، بالإضافة إلى آثار الضغط، وعدم ثبات طقمِ الأسنان، وانخفاض القدرة على المضغ والتأثير السلبي على التذوُّق».
الفارق بين الطريقة التقليدية والحديثة
وفَّرَ التقدّم في زراعة الأسنان الحلَّ للحدّ من الآثار السلبية التي كانت تسَبّبها طرُق الزرع التقليدية، معتبراً أنّ «زراعة الأسنان من أكثر العلاجات الفعّالة في تعويض الأسنان المفقودة، لكنّ الأساليب السابقة كانت تَعتمد على أشهر طويلة للزرع تصل إلى 6 أشهر، على عكس الطريقة الجديدة التي تَسمح بزرع أسنان ثابتة بعد قلعِ الأسنان مباشرةً، وتَعتمد أيضاً على إنشاء عدد أقلّ من الأعمدة المزروعة، أي بمعدّل 4 أعمدة، بينما كنّا بحاجة سابقاً إلى 8 أعمدة لنجاح عملية الزرع».
مضيفاً أنّ «زراعة الأسنان البديلة تُعتبَر الأفضل بين بدائل الاستعاضة الأخرى، سواءٌ الثابتة أو المتحرّكة، حيث التركيبات الثابتة تحتاج إلى نحتِ الأسنان المحيطة بالسنّ المفقود، وهو جزء من السنّ لا يمكن استعادته فيما بعد، وقد يعرّض الأسنان للحساسية والتسوّس. كما أنّ التركيبات المتحرّكة تكون عرضةً للحركة أثناء الأكل والكلام، مما يسبّب الإزعاج والإحراج، بالإضافة إلى تأثيرها في ضمور عظم الفكّ».
مراحل الزرع
وعن مراحل الزرع، يشرح: «تتمّ زراعة الأسنان عن طريق غرس جذور صناعية مصنوعة من مادة التيتانيوم «Titanium» في عظم الفكّ في مكان السنّ المفقود، حيث يلتحم عظم الفكّ حول هذه الجذور التحاماً تامّاً يَجعلها قادرة على تحمُّل وظائف الأسنان الطبيعية بشكل فعّال».
مضيفاً: «تَعتمد زراعة الأسنان لتعويض سنّ واحدة، أو أسنان عدّة، أو حتى كلّ الأسنان، أمّا فترة العلاج الكاملة فتتوقّف على الفترة التي يحتاجها عظم الفكّ للالتحام حول الجذور الصناعية المغروسة».
وتتكوّن الغرسة السنّية أو الزرعة السنّية من قسمين، ويعدّدها على الشكل الآتي:
- القسم الأوّل يسمّى الغرسة، وهو الذي يثبَّت داخل عظم الفكّ.
- القسم الثاني يسمّى الدعامة أو «السنّ الاصطناعية»، وهو الذي يظهَر في الفم ونمضَغ عليه، كالسنّ الطبيعية.
شارحاً: «تتمّ عملية الغرس لسنّ أو أكثر في عيادة الطبيب المختص، تحت تأثير المخدّر الموضعي الذي يُستخدَم للعلاجات الفموية العادية، ويتمّ خلالها غرس الجذور الصناعية المصنوعة من مادة التيتانيوم بطول 1 سنتيمتر تقريباً، لتعويض السنّ المفقودة، والتي تؤدّي وظيفة جذورالأسنان نفسها، وتشكّل هذه الجذور الدعم لتيجان الأسنان التي تكون مناسبة شكلاً وحجماً للأسنان الأخرى، وهذه الميزة الجديدة تتيح للمرضى خلعَ الأسنان التالفة واستبدالَها فوراً بالزراعات السنّية والأسنان المركَّبة في يوم واحد فقط، وبالتالي، تلغي كلّاً من الطقم والجسر، مؤكّداً أنّ «هذه العملية تضمن أقلَّ قدرٍ من الألم وتُعتبَر من العمليات البسيطة والفعّالة وبالكِلفة نفسها التي كانت محدّدة للطريقة التقليدية».
أمّا عن العوارض السلبية، فيقول: «المضاعفات التي تنجم عن هذه العملية بسيطة وعادية، وتتمّ السيطرة عليها بالعقاقير الطبّية مثل المضادات الحيوية ومسكّنات الألم، مضيفاً: «لا تسَبّب أية أورام أو انتفاخ كطريقة الزرع التقليدية، وعلى المريض الاتّجاه إلى عيادة الطبيب المختصّ بعد مرور أسبوع على عملية الزرع للكشف عن السنّ اليي تمّ زرعُها».
الإيجابيات
لم تعُد عملية زراعة الأسنان عملية كمالية، أي مقتصرة على الناحية الجمالية فقط، بل أصبحت أمراً ضرورياً للمحافظة على الأسنان بصورة عامة، وتسجّل التقنية الجديدة العديدَ من الفوائد، يُذكر منها:
- الناحية الجمالية: تُعتبر زراعة الأسنان أفضل الحلول من الناحية الجمالية لبعض الأشخاص، لأنّ الأسنان المزروعة تبدو للعيان طبيعية تماماً، وتَسمح بالحفاظ على الأسنان الأخرى.
- الثقة بالنفس: مع زراعة الأسنان يمكن للإنسـان أن يستعيد ثقته بنفسه وممارسة حياته بصورة طبيعة، من حيث النطق والضحك والأكل .
- قلّة المعاناة (آلام، ورم أو انتفاخ)
- توفير الوقت وتحقيق مكاسب فورية
الوقاية
تستدعي هذه التقنية الحديثة أن يتدرّب عليها أطبّاء جراحة وزرع الأسنان، فلا يمكن لأيّ مختصّ في الزرع العملُ وفقها من دون متابعة تدريب خاص يمَكّنه من استعمالها، هذا ما أشار إليه الدكتورالبدوي الذي أكّد نجاحَ عملية الزرع في جميع الحالات، منبّهاً إلى بعض العادات الصحّية السيئة التي قد تكون سبباً في تأخير التحام عظم الفكّ حول الجذور الصناعية المغروسة عن الفترة المحدَّدة. لذلك، تتعدّد طرُق الوقاية للحدّ من الوقوع بهذه المشكلة، ومن بينها:
- التدخين الذي قد يخَفّض نسَب نجاح الزرع السنّي
- تنظيف الأسنان المزروعة وكأنّها طبيعية
- الكزّ على الأسنان
- المعالجة من قبَل أطبّاء مؤهّلين وخبراء في الزرع
- إجراءات الصحّة الفموية بشكل صحيح ومنتظم
- زيارات دورية لعيادة طبيبه المعالج