سابين الحاج
تعاني المرأة يومياً أثناء القيادة من التمييز ضدها. ويصل بعض الرجال وحتّى الشبّان إلى التأكيد بأنهم لا يركبون السيارة إلى جانب امرأة تقود، وفي نظر العديد من الرجال الشرقيين واللبنانيين لا يمكنها القيادة لمسافات بعيدة. أمّا إذا رأوا على الطريق سيارة تقترف خطأً ما، فـ«بالتأكيد تقودها امرأة». كما لا يتردّد كثيرون بنعت السائقة بشتّى العبارات المسيئة، وذلك لا يكون دائماً بصوت منخفض، إذ تصل وقاحة بعض الرجال إلى مدّ رؤوسهم من النافذة ليصرخوا فيها مثلاً: «يا حمارة»، أو يطلقون اللعنة على والدها... وعلى مَن سلّمها رخصة السير.
يحتفل العالم من الثاني عشر من آذار الحالي حتّى العشرين منه بالأسبوع الدولي للأدب والتهذيب أثناء القيادة. والهدف منه رفع منسوب الوعي لدى السائقين والسائقات حول أهمية التقيّد بقوانين السير، والمحافظة على هدوئهم وتركيزهم وعلى احترام الآخرين، كما الحرص على السلامة العامة. وكم من الرجال والنساء يفتقدون للحسّ الحضاري أثناء قيادتهم السيارة، وكم من شخص محترم ظاهرياً يتحوّل إلى وحش فور تمسّكه بعجلة القيادة.
المخاطرة للرجل والتمييز ضدّ المرأة
لا يُخفى على أحد أنّ المرأة تدفع غالياً ثمن قيادة الرجل الجنونية والعشوائية. وكم من أمّ فقدت ابناً بسبب تهوّره في القيادة وكم من فتاة أو سيدة اصطدم بها شاب مسرع فأتى على سيارتها أو حتّى أصابها بجروح أو أدّى إلى مصرعها. ويشير رئيس جمعية «كن هادي» فادي جبران في حديث لـ«الجمهورية» إلى أنّ «70 في المئة من حوادث السير أبطالها رجال ومعظمهم من الشبان، أمّا النساء والفتيات فتحتطن أكثر خلال القيادة».
هذا التروّي الذي تتمتّع به المرأة لا يروق للرجل، الذي يعتبرها غير كفوءة في سوق السيارة، ويغضّ طرفه عن النتائج والأرقام التي تفضح آداءه السيّئ. وفي هذا السياق يوضج جبران: «التمييز ضدّ السائقة في لبنان والبلاد العربية سببه ثقافة المجتمع الذكوري لا أداءها في القيادة». ويرى أنه «لو سلّمنا النساء القيادة في لبنان ومنعنا الرجال عنها، فمن المؤكّد أنّ نسب الحوادث ستتدنّى 50 في المئة».
آدم وحواء
ولكنّ حرص المرأة أثناء القيادة لا يحول دون دورٍ سلبي تؤدّيه أحياناً. هذا ما يؤكّده رئيس جمعية «كن هادي» الذي يلفت إلى عدم تعاونها في إطار توعية الرجل تارة، وإلى انغماسها معه في ارتكاب المخالفات تارة أخرى: «عندما تكلّمه عبر تطبيق «واتساب» من منزلها أو عملها وهي تعرف أنه يُمسك بعجلة القيادة، أو تجلس بقربه في السيارة وتتركه يتكلّم على الهاتف، أو عندما تستلقي عليه وتدعه يضمّها، ما يشكّل خطراً كبيراً عليهما ويسبّب العديد من الحوادث».
ويضيف جبران في معرض تفسيره للخطر الذي تتسبّبه المرأة للسائق، ضاحكاً: «عندما ترتدي تنّورة قصيرة وتمشي على الطريق، فيلتفت لينظر إليها، وربّما يفقد تركيزه ويرتطم بحائط جانب الطريق أو بسيارة أمامه».
البيت والمدرسة أساس
ويشير رئيس جمعية «كن هادي» إلى أنّ «التربية حول السلامة المرورية تبدأ في البيت وفي المدرسة وبعدها يأتي دور الدولة في وضع القوانين وتطبيقها». ويلفت إلى «دور الدولة التربوي من خلال إدراجها برامج الثقافة المرورية في التعليم، حتّى تُدرّس للأولاد منذ صغرهم. فعندما يكبر الشخص لا يكون من السهل تزويده بقواعد السلامة المرورية وحثّه على تطبيقها».
التهذيب مُعدٍ
إلى ذلك تشير دراسة أجرتها مدرسة لندن الاقتصادية في 15 بلداً أوروبياً، وشملت 9000 سائق أنّ التهذيب أثناء القيادة معدٍ، إذ يؤكّد 87 في المئة من السائقين أنّ سلوك الآخرين المهذّب، يشجّعهم على احترام أصول اللياقة والأدب، أمّا صدور تصرّفٍ عدائي من قبل سائقٍ آخر فقد تنتج عنه موجة تعصيب وسلوكيات غير أخلاقية.
إتيكيت القيادة
تستعرض خبيرة الإتيكيت والبروتوكول فيرا يمين لـ«الجمهورية» مبادئ إتيكيت القيادة ومنها:
• الحرص على عدم استخدام الزمور إلّا في الحالات الطارئة، فلا يجب استخدامه في الليل، ولا لإلقاء التحية على أحد معارفنا، ولا لاستدعاء الخادمة من خلال ركن السيارة تحت المنزل وإطلاق الصفارات المدوية.
• عدم التحدّث عبر الهاتف وبالتالي الواتساب أثناء القيادة، فهو يعرّض حياة السائق والآخرين للخطر.
• تجنّب الأكل والشرب خلال القيادة
• عدم شرب الكحول قبل وأثناء القيادة، والحرص على سلامة الأصدقاء، إذ من مسؤوليتنا تأمين تاكسي لهم أو إيصالهم إلى منزلهم، في حال تنبهنا إلى أنهم ثملون عقب السهرة.
• على سائق السيارة أن يتأكّد أنْ لا سيارات أمامه أو أخرى قادمة بالاتجاه المعاكس قبل إضاءة «الضوء العالي»، لأنّه يهدّد سلامة الناس على الطرقات ويسبّب الحوادث.
• عدم رمي المهملات من نافذة السيّارة، وخصوصاً الأواني الزجاجية التي قد تؤذي دواليب سيارتنا أو سيارات الآخرين، بل وضعها داخل كيس صغير يتم رميه لاحقاً.
• الحرص على تمرير الآخرين وخصوصاً كبار السنّ، كما على المارة التقيّد بقوانين المرور لناحية المكان والزمان.
• عدم ركن السيارة في الأماكن المخصّصة لذوي الاحتياجات الخاصة.
• احترام إشارات المرور، فكثيراً ما نصادف من يتجاوز الإشارة الحمراء لمجرد اعتقاده بأنّ أحداً لا يراه.
• التنبّه إلى عدم استعجال السائق الموجود أمامنا عند تغيّر لون الإشارة من الأحمر إلى الأخضر، ومفاجأته بوابل من الزمامير، بل يجب انتظاره حتّى يقلع.
• الحرص على عدم إزعاج ركّاب السيارات الأخرى بصوت الموسيقى الصاخبة، مهما كنّا مستمتعين بالأغنية.
• على الأشخاص الذين يقودون السيارات «المرتفعة» مثل الرباعية الدفع أو الشاحنات عدم التحديق بركّاب السيارات، فعلى كلّ شخص أن يلتزم حدود سيارته.
• احترام الخطوط على الطريق السريع، والأماكن المخصّصة للمركبات الأكثر سرعة. فعلى السيارة التي تمشي ببطء أن تسير على اليمين وتفسح في المجال للأكثر سرعة في الوسط ولسير المسرعين شمالاً.
ولكن تشدّد خبيرة الإتيكيت على ضرورة احترام الآخر على الطريق حتّى لو سار ببطء شمالاً، وتلفت إلى أهمية عدم استخدام الألفاظ البذيئة لحثّه على تغيير وجهته، أو الزمور الذي يُعتبر بمثابة السباب في بعض البلدان، والانتباه إلى تأشيرات اليدين التي تنمّ عن الغضب.
كن Gentleman
وعن الرجل والمرأة تتحدّث فيرا يمين، فتلفت إلى أنّ الرجل لا يحرص أحياناً على إفساح المرور لسيدة. وتشير إلى أنّ قواعد الإتيكيت تحثّه على التوقف ليدعها تمرّ من دون أن يسبّب ذلك حوادث مع السيارات وراءه.
وتؤكّد أنّ الإتيكيت يعطي الأولية للمرأة، إذ يجب على الرجل أن يحترمها وأن لا يوجّه لها الكلام البذيء أثناء القيادة. وتشرح: «يُعرف الـ Gentleman من تصرّفاته وأخلاقه وليس من ثمن سيارته أو ماركة ثيابه أو ساعته، وعليه أن يتصرّف بنبل مع السيدات ليس فقط في المطعم عندما يصطحب امرأة إلى العشاء، إنّما أيضاً أثناء القيادة».
التهذيب يحدّ من الزحمة
ومن جهته يلفت فادي جبران إلى أنّ التزام أسس الأدب والتهذيب أثناء القيادة لا يخفّف من نسبة حوادث السير وحسب إنما يساهم أيضاً في الحدّ من الزحمة. «فقد أظهرت دراسة أنّ تطبيق قانون السير يحدّ من نسبة الزحمة بـ 20 في المئة على الأقل، كما يقلّص الشعور بالتعصيب عند السائقين، فيستمتعون بالمشوار ولا يتشاجرون مع أقرانهم».