رنّ جرس الباب صباحاً إنّما في وقتٍ مقبول. فتح المواطن الذي يفيق منذ مدّة فرحاً من دون أن يعرف لماذا بالضبط. الرجل الذي أمامه متوسّط العمر، بلباسٍ عادي متناسق الألوان ومرتّب. بمنتهى التهذيب، صبّح المواطن. وبذوقٍ عالٍ كأنّه تدرّب عليه، قال له معاتباً: "يا أخي أنت مواطن غير صالح". الابتسامة التي تُبعت بالجملة لم تترك له مجالاً للبس، وفهم المواطن فوراً أنّها من قبيل المزاح.
وتابع الطارق: "يا أخي المواطن معقول! المياه مقطوعة عنك منذ أكثر من شهر ولا تتّصل بنا. "وَلَوْ" أنت تدفع الفاتورة بانتظام، ونحن نؤمّن المياه حتى لمن لا يدفع! يا أخي المواطن، لا يجوز أن تهمل حقوقك بهذا الشكل. على كلّ حال إن أنت أهملتها، فنحن لا... لأنّها مهمّتنا".
في خضمّ هذا الحديث، وصل شخصٌ قال إنّه من شركة الكهرباء وآخر من البلديّة، ثمّ سُمع ضوضاء في المبنى، وإذ بمديرين عامين ومسؤولين كبار في مؤسّسات مرتبطة بالخدمات العامة، يصلون أيضاً... معاتبين للأسباب إيّاها.
"الارتجاجات" التي أحدثها وجود كلّ هؤلاء معاً... كانت في الواقع ارتجاجات السرير تحت وطأة هزّة أحدثتها والدة المواطن وهي تدعوه ليفيق ويتدبّر أمر انقطاع المياه!