Homepage »     Skip page »

الحكمة يكتسح عمشيت ويتقدم 1-0

ما هو مستوى تطوّر القوانين الخاصة باستخدام التكنولوجيا في لبنان؟ الجواب بكلّ أمانة هو "عدم". فعلياً، يُعدّ هذا البلد من بين الأسوأ عالمياً على صعيد علاقة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بالمجتمع والمؤسسات الرسمية، ويظهر هذا الوضع جلياً في تقرير قياس جاهزية البلدان لتبني تكنولوجيا المعلومات، الذي يُعدّه المنتدى الاقتصادي العالمي.

التقرير هو أحد المراجع البحثية لمقارنة أداء 148 بلدا في عالم يعيش ثورة مستمرة في مجالي المعلومات والتكنولوجيا. واستناداً إلى خلاصاته، يُمكن القول إنّ حكومة لبنان تدرس في سيبيريا، حيث تبدو علاماتها أقرب إلى الصفر في معظم المجالات.

يتضمن التقرير مؤشر الجاهزية التكنولوجية، الذي يعكس مستوى الترابط بين مختلف المكونات المؤسساتية والاجتماعية. يحصد لبنان 3.64 نقطة - على سلّم بين نقطة وسبع نقاط - ويحلّ في المرتبة الـ97 بين 148 بلداً، مقارنة بـ6.04 نقاط تجمعها فنلندا وتجعلها على رأس اللائحة.

صحيح أنّ هذا الأداء يتضمن بعض التحسن، إلا أنّه في الواقع يعكس تراجعاً. في هذا الخصوص يقول معدو التقرير: "في منطقة المشرق سجّل لبنان والأردن تحسّناً في أدائهما، لكن فيما تقدّم الأردن ثلاث مراتب إلى المرتبة الـ44، مؤكداً ريادته في المنطقة - مع العلم أن إسرائيل تحل في المرتبة الـ15- يهوي لبنان ثلاث مراتب".

في الحقيقة، لم تكن السلطة اللبنانية على قدر المنافسة في السابق، ولن تكون على الأرجح في المستقبل القريب، وفيما يعيش لبنان انزلاقات متواصلة، تتجه العديد من البلدان إلى إدخال البرمجة - أي كتابة البرامج والتطبيقات - في المنهاج الرسمي، البلد الرائد هنا هو إسرائيل، وتلحقها بلدان أخرى من العالم الأول.

لكن كيف يقيس التقرير أداء البلدان المختلفة لكي يقوّمها ويمنحها مرتبة؟

يتألف المؤشر الكلي من عشرة مؤشرات ثانوية تعكس العلاقة بين تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ومختلف المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية. ويظهر بوضوح أن الأداء الأسوأ للبنان هو على مستوى علاقة الحكومة بالتكنولوجيا؛ وتظهر في حلول لبنان في المرتبة الـ145 بحسب مؤشر فاعلية المؤسسات العامّة في صياغة القوانين والمراسيم وإقرارها.

وجرى تقويم المؤشرات المختلفة الخاصة بلبنان بناءً على استطلاع للرأي أجرته مجموعة "بادر" (برنامج الشباب المبادر).

يُمكن القول إنّه بعيداً عن مواقع التواصل الاجتماعي والصفحات الإخبارية، تبدو ثورة تكنولوجيا المعلومات والتواصل غريبة عن المقيمين في لبنان وعن حكومتهم. مثلاً، يتضح أنّ تأثير التكنولوجيا في تسهيل الوصول إلى الخدمات الأساسية - مثل الكهرباء، التعليم والصحة - معدوم، إذ يضع المسح لبنان في المرتبة الـ145 عالمياً، أمام تشاد، ليبيا وبوروندي.

ويهبط لبنان إلى المرتبة الأخيرة مجدداً في قياس العلاقة بين استخدام تكنولوجيا المعلومات وفاعلية الحكومة.

كذلك فإنّ تأثير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات على الخدمات الجديدة - أي قدرتها على تحفيز نماذج مبتكرة من الأعمال والشركات - ضئيل، ويحل لبنان أيضاً في الربع الأخير، إذ يتقدم على 14 دولة فقط.

برغم ذلك، لدى استعراض هذه البيانات المخجلة، ومقارنتها بمعطيات أخرى تظهر مفارقات لافتة، إذ يُظهر استطلاع الرأي ثقة شبه عمياء بنوعية النظام التعليمي، حيث يحل لبنان في المرتبة الـ13 عالمياً لدى قياس هذه النوعية، كما يقنص المرتبة الرابعة بحسب مؤشر نوعية التحصيل العلمي في مجالي العلوم والرياضيات.

صحيح أن هذا النظام مميز في المنطقة - برغم كل الثغر الأكاديمية والأخلاقية التي قد تعتريه - وصحيح أنه يُنتج طلاباً يغزون العالم بلغاتهم الثلاث، لكن إلى أي مدى يُمكن الحفاظ على مرتبة متقدمة نسبياً في ظلّ إهمال التكنولوجيا؟ كيف يصمد لبنان أكاديمياً في ظلّ انتشار متواضع للإنترنت في المدارس، يجعله في المرتبة الـ107 عالمياً؟

(حسن شقراني - الأخبار)

Homepage »     Skip page »