خيسي رودريغيز اسم يكبر يوماً بعد يوم في العاصمة الإسبانية مع فريقها الأشهر ريال مدريد. خرّيج أكاديمية النادي الملكي «لا فابريكا» دخل قلوب المدريديين بسرعة قياسية، وهو، بموهبته وعزيمته وإصراره، ماض لترسيخ نجوميته في ملعب «سانتياغو برنابيو»
حسن زين الدين
لم يُعرف عن «لا فابريكا» (المصنع) أو «كانتيرا» وهي أكاديمية إعداد الناشئين في نادي ريال مدريد تخريجها للمواهب في السنوات الأخيرة. منذ جيل الحارس الحالي للملكي، إيكر كاسياس، والنجمين السابقين راوول غونزاليس وغوتي، وقبلهم إيميليو بوتراغينيو، بقيت «لا فبريكا» في ظل «لا ماسيا» أكاديمية نادي برشلونة.
صحيح أننا رأينا لاعبين من «لا فابريكا» في الفريق الأول لـ «الميرينغيز» في الاعوام الأخيرة، الا أن هؤلاء لا يمكن وصفهم بالمواهب السائرة على درب النجومية، وهذا ما ينطبق على استيبان غرانيرو وخوسيه ماريا كاليخون ولاعبَي الملكي الحاليين ألفارو أربيلوا ودانيال كارباخال، على سبيل المثال. الا أن هذا الموسم يبدو واضحاً أن «لا فبريكا» عوّضت خيبات المواسم السابقة بمنحها لاعباً موهوباً يتوقع له الجميع مستقبلاً واعدا وقد بدأ يثبت، مع كل مباراة، جدارته بارتداء قميص الملكي واللعب الى جانب البرتغالي كريستيانو رونالدو وغيره من نجوم الفريق، ألا وهو خيسي رودريغيز.
المتابع لريال مدريد هذا الموسم لا يمكن إلا أن يتوقف عند موهبة خيسي، كما يحب أن يُطلَق عليه، وهو الاسم الذي يحمله قميصه الرقم 20 مع الفريق الأبيض. صحيح أن خيسي عرف الطريق الى الفريق الأول للملكي في بعض المباريات في الموسمين الماضيين، تحت قيادة البرتغالي جوزيه مورينيو، إلا أن الموسم الحالي يشهد بروز موهبة هذا اللاعب على نحو واضح وسريع، بعدما أخذ فرصته أكثر تحت قيادة المدرب الايطالي كارلو انشيلوتي.
ما بدا لافتاً حتى ما قبل مباراة أتلتيكو مدريد في ذهاب نصف نهائي كأس إسبانيا الليلة، أن خيسي تمكن من إثبات مقدراته ونيل ثقة الجمهور المدريدي قبل مدرب الفريق وادارته في جميع المباريات التي شارك فيها، إن كان في الدوري، حيث سجل الهدف الأخير للفريق أمام أتلتيك بلباو، او في الكأس، حيث سجل أيضاً في المباراة الأخيرة في اياب ربع النهائي أمام إسبانيول، او سواء شارك اساسياً أو احتياطياً في كلتا المسابقتين، ليصل الى 5 أهداف اضافة لصناعته ثلاثة لزملائه.
ما يميز خيسي انه قادر على اللعب في أكثر من مركز، إن على الجناحين أو في صناعة اللعب او لاعب «تسعة ونصف» خلف المهاجم أو مهاجماً صريحاً، حيث تمكن في المركز الأخير من إثبات كفاءته في المباراة الودية لريال أمام باريس سان جيرمان، الشهر الماضي، حين لعب مكان الفرنسي كريم بنزيما، وسجل هدف الفوز الوحيد لفريقه، علماً أنه سجل أكبر عدد من الأهداف في موسم واحد في تاريخ الفريق الثاني للملكي «لا كاستيا» بلغ 22 هدفاً في الموسم الماضي.
قدرة خيسي على التكيُّف في أكثر من مركز تبدو انعكاساً لميزاته العديدة: من حاسته التهديفية العالية، الى سرعته الكبيرة وقدرته على المراوغة في وضعية المنطلق بالكرة، حيث شُبّه في هذا الجانب برونالدو، إلى براعته في التمرير وصناعة الأهداف، والأهم من ذلك كله التصميم والمثابرة الواضحان لدى هذا اللاعب لإثبات موهبته. كل هذا منح خيسي صفة «الجوكر» الذي يستطيع أنشيلوتي الاستفادة منه في أي حالة أو عند أي طارئ، فيما الصحافة المدريدية وصفته باللاعب «الرقم 12» في ريال مدريد، في إشارة الى أنه أهم لاعبي مقعد الاحتياط في الفريق.
يصعب في الوقت الحالي أن تعثر في الصحافة الاسبانية على رأي لا يشيد بقدرات خيسي ولا يتوقع له مستقبلاً باهراً، وكان آخر هذه الآراء لنجم الملكي السابق، غوتي، الذي قال: «خيسي يبدو من دون شك أفضل لاعب في الجيل الجديد لريال مدريد».
ما يبدو واضحاً ان شعبية خيسي في العاصمة مدريد تزداد يوماً بعد يوم، وهذا أمر متوقع للاعب من خريج أكاديمية النادي أن يحصد محبة ودعم الجمهور المدريدي وصحافة المدينة، وهو عامل بالغ الاهمية ليمنح اللاعب جرعة هائلة من المعنويات للمضي قدماً نحو تثبيت نجوميته في الفريق الملكي.
كل المؤشرات اذاً تقود الى نجم جديد في العاصمة الاسبانية. نجم من صناعة مدريدية «صافية»، على عكس الكثير من النجوم الذين قَدِموا الى مدريد بمئات الملايين من الدولارات في الاعوام الأخيرة. نجم ستحتفي به ليالي مدريد كثيراً، تلك الليالي التي استهلها خيسي، على المستوى الشخصي، بطريقة حالمة ولا مثيل لها في 26 تشرين الاول الماضي بتسجيله هدفه الاول بقميص ريال مدريد في مرمى برشلونة، وأين؟ في «كامب نو».