يبدو أنّ السجال حول «تلفزيون لبنان» ونقل المونديال، لن ينتهي قريباً. دفعت الدولة اللبنانيّة ملايينها الثلاثة كتعويض لشركة «سما» المالكة الحصريّة وكيلة «بي إن سبورتس» الناقلة الحصريّة للمباريات، للسماح ببثّ كأس العالم عبر موزّعي «الكايبل». لم يعرف أحد ما إذا كان الاتفاق شمل «تلفزيون لبنان» أم لم يشمله، إلا يوم السبت، حين تبلّغت الشاشة الحكوميّة بأنّ الشبكة القطريّة رفت عليها دعوى أمام قضاء الأمور المستعجلة. وكان مقدّم الأستوديو التحليلي لكأس العالم علي علوية قد أعلن عن تبلّغ «تلفزيون لبنان» الدعوى، قبل بدء مباراة البرازيل وتشيلي أوّل أمس. تطالب الشركة بوقف بث المباريات عبر تردّدات التلفزيون الأرضيّة، رغم أنّه كان قد باشر، وعلى قاعدة «إعطاء الحق لكل اللبنانيين بمشاهدة المونديال»، بنقل الحدث منذ 16 حزيران/ يونيو الحالي، تزامناً مع إعلان وزير الاتصالات بطرس حرب عن الاتفاق بين الوزارة وشركة «سما». على أن يمثل التلفزيون اليوم أمام قاضي الأمور المستعجلة زلفة الحسن، للبتّ بإمكانيّة استكماله عرض المباريات أو تغريمه.
يؤكّد وزير الإعلام رمزي جريج لـ«السفير» أنّ «الدولة اللبنانية هي المساهم الوحيد في التلفزيون»، لافتاً إلى «أن موقف التلفزيون ببثّ المباريات يستند إلى القانون، لأنّه من حق الشعب اللبناني متابعة المونديال من دون مقابل». من جهته، يستغرب رئيس مجلس إدارة التلفزيون طلال المقدسي هذه الدعوى، مؤكداً لـ«السفير» ثقته بالقضاء واستمراره بنقل المباريات حتى انتهاء كأس العالم حفاظاً على حقوق الشعب اللبناني. ويشرح المقدسي أنّ «تلفزيون لبنان» يبثّ المباريات من خلال أبراج الإرسال التي جهّزها وأعدّها منذ إطلاق أمير قطر لوعد منح التلفزيون بث المباريات. ويقول المقدسي إنّ العقد الموقّع بين «سما» و«بي إن سبورتس» يحرم 90 في المئة من الشعب اللبناني من متابعة المباريات. ويضيف: «وزير الاتصالات بطرس حرب حلّ المشكلة وأمنّ لـ«سما» حقوقها، لكن الأخيرة منحت البث لأربعين في المئة فقط من اللبنانيين، في حين تولى تلفزيون لبنان منحه للخمسين في المئة الآخرين». ويرى مقدسي أنه لا يحق للشركة أن ترفع دعوى، لافتاً إلى «أنّ الهدف من ذلك هو إحداث نقمة ضد الدولة اللبنانية»، معتبراً «حرمان المواطن اللبناني من مشاهدة المونديال، بمثابة دعوة لانتفاضة شعبية». ويختم المقدسي كلامه بالقول: «أنا أشعر بالفخر لأني ساهمت بأن يشاهد أهل الجنوب والقرى الحدودية مباريات كأس العالم على التلفزيون اللبناني الرسمي، بدلاً من متابعتها على التلفزيون الإسرائيلي».
من جهته، يرى المحامي نزار صاغية أنّ «الحكومة اللبنانية ميزت بين المواطنين، من خلال منح حقوق العرض لأصحاب الكابلات التي هي غير شرعية أصلاً». ورأى أن «تلفزيون لبنان» جاء ليصحح هذا التمييز». ومن وجهة نظر صاغية، على القضاء أن ينظر إلى الحكم من مبدأ أن «اللبنانيين قد تعودوا على مشاهدة المباريات، وأصبحت جزءاً من حقوقهم الاجتماعية والثقافية». ولفت إلى أنّ هناك نقاشا سائدا اليوم في أوروبا حول «كون حق المواطن بالمشاهدة والإطلاع على المعلومات، فوق أيّ حق حصري آخر». ودعا صاغية القضاء اللبناني الى أن يوازن بين حق شركة «سما» بالحصرية وحق اللبنانيين بالمشاهدة أسوة بالجميع. كما دعا صاغية اللبنانيين الى «أن يدافعوا عن أنفسهم لأنهم المتضررون الأول من هذه القضية، وعليهم الاعتراض على أي حكم يمسّهم».
في هذه الأثناء، يواصل التلفزيون مواكبة المباريات، من خلال فريق معلّقين منهم الزميل شربل كريّم، والمعلّق محمد كركي. كما يستضيف علي علوية في أستوديو تحليلي يومي، مجموعة من المحلّلين والرياضيين اللبنانيين لمناقشة المباريات، إلى جانب تقديم جوائز نقديّة يوميّة لمن يتكهّن بالفريق الفائز. مواكبة المونديال ألهبت صفحة «تلفزيون لبنان» على «فايسبوك» بالداعمين والمعجبين، رغم تحفّظ بعض المعلّقين على رداءة التعليق على بعض المباريات. ومع الإعلان عن الدعوة المرفوعة ضدّ التلفزيون، انضمّ عدد كبير من المعلّقين على الصفحة إلى حملة تضامن معه، ترفض حرمانهم من بثّ المباريات المجّاني.
(السفير زينة برجاوي)