متحف اللوفر في باريس مليء باللوحات والمنحوتات من جميع الدول ومن مختلف الحقبات الفنّية، لكن هناك مساحات خاصة من الاحترام والخصوصية تُفرَد للأعمال الخالدة، ولعلّ أبرزها لوحة الموناليزا التي يُحرَص على إبقاء مسافة معيّنة بينها وبين الجماهير، حفاظاً على مكانتها كـ”أيقونة” محفورة في ذاكرة الشعوب الجماعية.
ومثلما عَبَر الفنّ العديدَ من الحقبات التي زيّنت معالمه، فإنّه نجا مراراً من العصور الظلامية التي نعيش إحداها منذ بدايات القرن الحادي والعشرين، والتي تتفجّر أشكالها على صفحات مواقع التواصل الإجتماعي وفي طيّات الإعلام الحديث، أو بالأحرى “الخبيث”، الذي لم توفّر صوَرُه في الطفولة براءةً أو في المرأة جمالاً أو في الإنسان خصوصيةً .
فَبِأدوات أشدّ فتكاً من السلاح، منحتنا منصّات الإعلام الحديث التي تترجم وجوداً ملموساً عبر مواقع التواصل الاجتماعي حرّيةً شبه تامّة، مطلِقةً العنان لظاهرة المواطن-الصحافي التي حملت في ما حملت إيجابيات وسلبيات...
ولكن، بمَ فكّر يا ترى من سرّبَ صورة الشحرورة صباح على فراش المرض؟ أظنَّ نفسه صحافيّاً ينتزع فوزاً وهميّاً من عملاقة لم يقوَ المرض سوى على جسدها؟
كيف داس على الزرار ليلتقط الصورة؟ بأيّة وقاحة ضغط على الزناد، مطلقاً النار على ألبومات من الصور الجميلة للأسطورة المحفورة في أذهاننا؟!
والأكثر من ذلك، هو السؤال كيف اكتسحت الصورة موقعي “تويتر” و”فايسبوك”، مَن ضَغَط share وقرّر تشاركها مع الأصدقاء؟ أظنَّ للحظةٍ أنّ صباح بحاجة لشفقة؟!
كلّ الشفقة يحتاجها فقط من لا يعرف أن يصون ما بقيَ من رموز الفنّ العربي واللبناني. لا همّ مَن صوَّر ولا مَن خطّط ولا من سرَّب ولا من تناقلَ، ولكنّها سلسلة من عمل جرميّ بحقّ ذاكرتنا، التي ستستعيد “شحرورتنا” بأبهى حلّة كما حرصت دوماً على الظهور رغم كلّ المآسي الشخصية التي عاشتها، والتي لم تقوَ على ثنيِها عن مواصلة حبّها للحياة.
الشحرورة لنا موناليزا وأكثر، تفرض احترامها في زمن فقد بوصَلة أخلاقه، واختطلت أوراق خريفه بقيَمٍ بِتنا ندوسها دوساً بالأقدام!
صباح، لن نذكرك كما صوّروكِ، وإنّما كعاشقةٍ أبدية للحياة، وكضحكةٍ مدوّية في أرجاء ذاكرتنا، وأيقونةً من أيقونات الفنّ اللبناني الذي لا شكّ في أنّه سيخلّدك.