الأصوات أثناء العلاقة الحميمة، هل هي حقيقة، وهل لها أي أساس علمي؟ وماذا لو كانت مصدر إزعاج أو قلق لأحد الزوجين؟ وهل لها أساس علمي، أم أنها أمر لا يستوجب الحديث عنه؛ كونه من الأمور التي يجب أن يناقشها الزوجان أو أن يتحمل الطرف الآخر ويصبر؛ لأن التحدث عنها مع الشريك قد يسبب مضاعفات أخطر من مجرد تحملها؟
هذا الموضوع أثار اهتمامي بعد أن تلقيت العديد من الرسائل، سواء من بعض الزوجات اللاتي يعانين من صدور أصوات محرجة ومزعجة من أزواجهن أثناء العلاقة الحميمة، أو من أزواج يشكون من عدم التفاعل اللفظي أثناء الممارسة الحميمة. واخترت إحدى هذه الرسائل للتحدث بصورة علمية عن موضوع يسبب الكثير من التوتر الداخلي، الذي قد يتسبب في حدوث خلل في العلاقة الحميمة، مع أن التعرف إلى بعض الحقائق المتعلقة بهذا الموضوع سيعمل على تحسين الأداء الحميم بين الزوجين.
الحالة:
الرسالة الآتية اخترتها من ضمن مجموعة رسائل يعبر أصحابها عن مدى الشعور بالإحباط والخوف على مستقبل العلاقة الزوجية؛ نتيجة معاناتهم المستمرة في صمت، والخوف من أن يتسبب النقاش مع الشريك في حدوث خلل في العلاقة الزوجية. السيدة أم علاء تقول إنها في أوائل الثلاثينيات من العمر، متزوجة من شخص يكبرها بعدة سنوات، وبعد قصة حب طويلة، ولديها ولدان، المشكلة بدأت بعد أن صدمت بطلاق صديقتها المقربة، والتي قالت لها إن سبب طلاقها غريب جداً، وهو ما تسبب في أن تغير من تفاعلها مع الزوج أثناء العلاقة الحميمة، وتضيف: «هذا السبب الذي طلقت صديقتي بسببه بدأ يشكل خطراً على العلاقة الحميمة، وبدأ أيضاً ينعكس على علاقتي الزوجية»، وتقول: «السبب وراء طلاق صديقتي أن زوجها أصبح يعلق على عدم تفاعلها أثناء العلاقة الحميمة، بأنها أصبحت «باردة»، ولم تعد تتفاعل معه ولو حتى لفظياً، ما جعله يقول لها إنه قرر الزواج من أخرى؛ حتى يشعر بالمتعة المفقودة، وهو ما جعلها تطلب الطلاق. وهنا بدأت المخاوف تساورني، وبدأت أفتعل الأصوات، ما جعل زوجي يستغرب، وصدمني مرة بقوله إنني أصبحت مزعجة في الفراش، وأنا في حيرة، ماذا أفعل، وكيف يمكن أن تهدم الأصوات حياة زوجية، وتعاقب بسببها الزوجة؟ أين الحقيقة في موضوع التفاعلات الصوتية، فلو سكتت الزوجة اتهمها الزوج بأنها «باردة»، وإذا تفاعلت أصبحت مزعجة». وتسأل، «أرجوك أن تساعديني على الوصول لمعرفة ما يريده الزوج، وكيف تصبح العلاقة الحميمة ممتعة لكلينا، وبدون أن تتسبب في تهديد حياتي الزوجية؟»
الإجابة:
سيدتي الفاضلة
شكراً لأنك فتحت أحد الأبواب الموصدة على المشكلات الخفية، التي تسبب الهدم للعلاقات الزوجية، وتمر في صمت من دون أن يتنبه الزوجان إلى وجود حلول تنقذ الزواج، وقد تستغربين إذا قلت لك إن الحل يكمن في الحوار، والتعرف إلى ما يحدث للمرأة وللرجل أثناء العلاقة الحميمة، ومدى تأثير ما نتعلمه ونراه ونسمعه عن هذه التفاعلات، وما قد ينتج عن ذلك من اتخاذ قرارات هادمة وظالمة للطرفين. وقبل أن نتحدث عن المشكلة الخاصة بك اسمحي لي أن أوضح بعض الحقائق العلمية حول موضوع الأصوات التي تصدر أثناء العلاقة الحميمة:
أولاً- أثبتت الدراسات الاجتماعية أن النساء يصدرن أصواتاً أعلى وأكثر أثناء العلاقة الحميمة من تلك التي تصدر من الرجال، وعادة ما تكون هذه الأصوات على هيئة كلمات مشجعة للزوج، أو تأخذ شكلاً من أشكال الأصوات البدائية، التي تدل على الشعور بالمتعة، ونجد الرجال يصدرون أصواتاً أكثر في نهاية العلاقة الحميمة.
ثانياً- بعض الأزواج يشعرون بزيادة الإثارة عندما يسمعون بعض الكلمات والعبارات الحميمة، والتي تشمل أيضاً النكات الحميمة، ما يزيد من الرغبة، في حين تسعد المرأة كثيراً من سماع كلمات الإطراء والتشجيع من زوجها أثناء العلاقة الحميمة.
ثالثاً- أظهرت بعض الدراسات أن أكثر من 84٪ من النساء قد يملن إلى افتعال حدوث ذروة الجماع، خاصة بعد مرور فترة من الزواج، ما يجعل المرأة تفتعل الأصوات العالية؛ رغبة في تسريع الإثارة عند الرجل للوصول إلى الذروة، أو حتى نتيجة الشعور بالملل وعدم الاستعداد الحقيقي للعلاقة الحميمة في هذا التوقيت، ما يجعل الزوج يشعر بشيء من عدم الارتياح في التغيير في السلوك لدى الزوجة.
رابعاً- البرود يعد من أكثر المشكلات التي تعمل على هدم العلاقة الحميمة، وهو من الاضطرابات التي تحتاج إلى تشخيص صحيح وعلاج علمي، وليس إلى عقاب وطلاق. ومن المهم أن نذكر هنا أن بعض النساء اللاتي يعانين من البرود قد يتحملن ويضغطن على أنفسهن في العلاقة الحميمة؛ بسبب الخوف من المضاعفات الاجتماعية، والتي قد تنتهي بالطلاق، في حين أن العلاج يحقق نسبة عالية جداً من الشفاء.
خامساً- بعض الزوجات يتعودن على نمطية تقليدية من التفاعل، ويخشين من الانطلاق بتلقائية أثناء العلاقة الحميمة، وهو ما يعطي الإيحاء للزوج بأن الأداء مجرد القيام بالواجب من جانب الزوجة، وينطبق هذا أيضاً على بعض الرجال الذين يعتقدون أن صدور مثل هذه الأصوات قد يقلل من هيبته أو احترام زوجته له، وللأسف قد يعتقد البعض أن الجيل الحديث من الأزواج لا يعانون من هذه المشكلة، ولكن الواقع يعكس ما يحدث من خلل في التواصل اللفظي أثناء العلاقة الحميمة.
سادساً- هل نعرف أهمية هذه الأصوات في العلاقة الحميمة؟ الإجابة كما يعرفها الكثيرون «نعم» بأنها تزيد من الإثارة للشريكين، ويحسن الأداء. هنا معلومة لا يعرفها الكثيرون، وهي أن هذه الأصوات تزيد من تدفق الدم للأعضاء الحساسة للحصول على ذروة الجماع بصورة أفضل، وبالتالي تساعد على صحة نفسية أفضل، وهنا اسمحي لي أن أقدم بعض المقترحات لك ولزوجك؛ لمناقشة
هذه الحالة:
أولاً- اختاري الوقت المناسب لمناقشة الموضوع، كما حدث تماماً، ومشاركة مخاوفك مع الزوج، خاصة ما يتعلق بموضوع طلاق صديقتك، اعرضي الموضوع عليه كطلب لرأيه في كيفية مساعدة صديقتك في محنتها.
ثانياً- اسأليه مباشرة عما يحبه، وأيضاً أعلميه بما تحبينه في العلاقة الحميمة، ولا تقولي إن الوقت فات، فالحصول على أداء حميم يحتاج إلى عناية مستمرة.
نصيحة
العلاقة الحميمة لها عدة أوجه مكملة لبعضها؛ فلها رائحة وصوت وشكل يُكمل كل منها الآخر، ولا يمكن أن نستغني عن أي منها؛ خوفاً من التسرع بالأحكام، أو القرارات التي تهدم العلاقة الزوجية في الوقت الذي يمكن معالجة الخلل قبل فوات الأوان.
سمات