صحيح أنّ معظم الأشخاص يتذمّرون من كيلوغراماتهم الزائدة وقد أعلنوا الحرب عليها، لكن في المقابل لا يمكن تجاهل ظاهرة أخرى منتشرة بكثافة بين النساء والرجال بمختلف الأعمار تُعرف بالنحافة المفرطة. فما أسبابها، وحجم خطورتها، وهل من حلول مُثمرة لها؟ على رغم تناول الشوكولا، والتشيبس، والوجبات السريعة، وغيرها من المأكولات المشبّعة بالسعرات الحرارية، يعجز العديد من الناس عن اكتساب ولو غرام واحد، وهذا الأمر ليس سهلاً وممتعاً كما يُعتقد.
وتعليقاً على ذلك، أكّدت اختصاصية التغذية جانين عواد الجميّل، أنّ "هذه الحالة تُعرف بالنحافة المفرطة أو المقاومة لزيادة الوزن حيث لا يمكن رفع معدّل الوزن حتى على رغم استهلاك كميّات طبيعية من الأطعمة.
وعلى عكس الاضطرابات السلوكية الأخرى حيث يحصل الشخص على كمية إضافية أو غير كافية من الطعام، فإنّ النحافة المفرطة هي مشكلة فيزيولوجية وليست نفسية. أصحاب هذه الحالة يملكون معدل أيض مهمّ جداً، بحيث يحرق الجسم السعرات الحرارية باستمرار حتى من دون ممارسة الرياضة.
كل المغذّيات التي يتمّ امتصاصها تُستخدم بشكل كامل لتزويد الجسم بالطاقة، بعكس الأجسام الأخرى التي تخزّن بعضها على شكل دهون. إذاً، ما يميّز هؤلاء الأشخاص تحديداً أنّ أجسامهم تحتوي على مواد دهنيّة أقلّ لكنها متلائمة وموزّعة على مختلف أجزاء الجسم من دون التأثير سلبياً في الخصوبة أو الطمث".
وأشارت إلى أنه "يصعب إحصاء عدد الأشخاص الذين يَشكون من هذا النوع من النحافة بما أنّ تشخيصه لا يزال غامضاً. غير أنه يتمّ عادةً البحث عن عامل وراثي أو تاريخ عائلي للنحافة المتكرّرة، وعن مؤشّر كتلة جسم (BMI) أقلّ من المعدل الذي يبلغ 18,5 كلغ/م2، ومقارنة الوزن مع الطول. بعد ذلك يتمّ التأكد من عدم وجود أي اضطرابات في الأكل، ومشكلات في مستويات الغدة الدرقية، وخلل في الخصوبة".
مخاطر مُحتملة
وعن أبرز الإنعكاسات السلبية التي يتعرّض لها أصحاب النحافة الشديدة، كشفت عوّاد أنها تشمل "ضعف العضلات التي تعمل عادةً بوتيرة بطيئة، وخلل في إفراز مادة "Leptin" المسؤولة عن توزيع الدهون في الجسم، وانخفاض هورمونات تنظيم الشهية، وبالتالي الشعور بالشبع سريعاً، وارتفاع خطر الإصابة بهشاشة العظام بنسبة تصل إلى 40 في المئة.
لكن هذا ليس كلّ شيء، إذ إنّ النحافة المفرطة تعرّض صاحبها أيضاً لمشكلات اجتماعية ونفسية حيث ينظر إليه محيطه بطريقة مختلفة وأظلم مقارنةً بالذي يشكو من البدانة، والعديد من الناس يعتبرون هذه الحالة شكلاً من أشكال الأنوريكسيا أو البوليميا".
أفضل الحلول
وفي ما يخصّ الحلول، شدّدت على "ضرورة عدم اللجوء إلى الوجبات السريعة في محاولة لاكتساب الوزن، فهذه طريقة سيّئة جداً ولن تمنح الجسم سوى الدهون الفارغة التي لن تُفيده إطلاقاً. المطلوب تحديداً تناول وجبات صغيرة وسناكات خفيفة بانتظام مقسّمة على مدار اليوم تفادياً لنقص إضافي في الوزن من جهة، وحرصاً على تأمين كافة الاحتياجات اليومية لأهمّ العناصر الغذائية من ناحية أخرى.
يجب على هؤلاء الأشخاص الحصول على مجموع سعرات حرارية مرتفع حفاظاً على وزنهم الحالي، بحيث أنّ المرأة بحاجة إلى 2200 كالوري والرجل ما بين 2500 و2800 كالوري. أمّا البروتينات فتشكّل المادة الغذائية الأبرز التي يجب التركيز عليها، إذ يُنصح باستهلاكها يومياً بنسبة 35 إلى 40 في المئة للمساعدة على دعم الكتلة العضلية".
وختاماً، دعت خبيرة التغذية إلى "التوقف عن القول إنّ ممارسة الرياضة تمنع زيادة الوزن، إذ يجب معرفة أي نوع من التمارين هي الأفضل لهذه الحالة، كحمل الأثقال الذي ينمّي العضلات. وفي المقابل يُنصح بتفادي أنواع الكارديو، كالسباحة والركض، لأنها تسبّب ضعفاً إضافياً وتحرق الدهون".
(سينتيا عواد - الجمهورية)