تملك كل من الشقيقتين "سينتيا. ش" و"كارينا. ش" حساباً مصرفياً مشتركاً مع والدهما "جورج. ش" لدى أحد المصارف في بيروت، وبعد وفاة والدهما، راجعتا المصرف المذكور بشأن الحسابين، ليتفاجآ بحصول عمليتي تحويل مبالغ مالية من الحسابين قبل وفاة والدهما بفترة وجيزة، عندما كان بحالة صحية حرجة، ولم يكن حينها يتمكن من الخروج من المنزل، وكانت قيمة التحويل الأول 50.000.000 (خمسون مليون ليرة) من الحساب المشترك من "سينتيا"، أما التحويل الثاني فهو بقيمة 300.000.000 (ثلاثماية مليون ليرة) من الحساب المشترك من "كارينا"، وقد جرى التحويل الى حساب مشترك بين "جورج. ش" وزوجته "أنطوانيت. ع".
لدى اطلاع الشقيقتين على تحويل هذه المبالغ، تبين لهما أن التوقيع المنسوب الى والدهما على الطلبين، هو مغاير للحقيقة وليس توقيع الأب، وأن المسؤولين في المصرف أفادوهما أن أحد موظفي هذا الفرع في المصرف، ويدعى "شادي. ش" هو الذي استحصل على الطلبين من منزل والدهما، فتقدمت المدعيتان بادعاء لدى النيابة العامة، وبطلب الى قاضي الأمور المستعجلة لتعيين خبير في الخطوط للتحقق من صحة توقيع والدهما على طلبي التحويل، وعلى أي عملية سحب أو أي تعامل بين والدهما وبين المصرف المذكور خلال الفترة السابقة لوفاته، وقد أفاد الخبير في تقريره، أن التوقيعين الواردين على الطلبين هما غير صحيحين وغير محررين بخط الوالد المتوفي.
على الفور أجريت التحقيقات اللازمة مع "أنطوانيت. ع" أأوضحت أن زوجها أخبرها قبل وافاته، أنه سحب لها مبلغ 200.000 دولار أميركي من حسابه، وفتح لها حساباً بهذا المبلغ في المصرف المشار اليه، وهو حساب مشترك بينه وبينها، أما بخصوص الشكوك حول ما إذا كان هو الذي وقّع على معاملتي سحب المبالغ المالية أم لا، فأشارت الى أن هذا السؤال يفترض توجيهه الى البنك، ولفتت الى أن الوضع الصحي لزوجها لم يكن سيئاً للغاية قبل وفاته عند قيامه بعمليتي السحب، وأنه هو من قام بتخصيصها بهذا المبلغ المالي، كما أنكرت أن يكون لها أي علاقة في عمليتي السحب أو بتوقيع زوجها، وأنها لا تمانع في رفع السرية المصرفية عن حساباتها. وأكدت أنها لا تعرف أحداً من المسؤولين أو المستخدمين في المصرف المذكور، وأن ابن شقيقة زوجها "جان. د" كان يقوم بكل ما يتعلق بمعاملات الزوج، بشأن حساباته لدى البنك المذكور. وأنكرت كل ما نسب اليها في ادعاء النيابة العامة.
هذه الإفادة استدعت التحقيق مع "جان. د"، الذي اعترف بأنه كان يقوم بالفعل بمساعدة خاله لدى البنك، وقد سلمه الأخير دفاتر حساباته المصرفية مع ابنتيه، وكان يكلّف أيضاً بتدوين الفوائد على هذه الحسابات عند الاستحقاق، وأن خاله أعلمه في أحد المرات بأن يرغب بتحويل مبالغ مالية من حساباته مع ابنتيه الى حساب زوجته "أنطوانيت. ع" وطلب منه تسليم دفاتر الحسابات مع ابنتيه بعد وفاته، كما أخبره خاله بأن أحد المستخدمين المصرف حضر الى منزله، وقام بتعبئة الأوراق اللازمة من أجل تحويل المبلغ المالي الى زوجته، وأنه هو من قام بنقل دفاتر الحسابات الى البنك لإجراء عملية التحويل وهو من كتب بخط يده ــ بناء على طلب خاله ــ الكتاب الموجه الى البنك، والمتضمّن تعليماته الى المصرف بسحب الفائدة الشهرية من حسابه المشترك مع ابنتيه، لأنه في تلك الفترة لم تكن لديه القدرة على الكتابة، في حين كان خاله يتولى التوقيع على الكتاب، وأنكر المدعى عليه "جان. د" اقدامه على ارتكاب التزوير واستعمال المزور في كل ما نسب اليه في ادعاء النيابة العامة.
وأكدت حيثيات القرار الظني الذي أصدره قاضي التحقيق في بيروت جورج رزق، أن المدعى عليه "جان. د" أقدم على تزوير كتاب المرسل الى فرع المصرف المذكور، حيث تبين أنه موقع منه وليس من خاله المتوفي، وأن المستفيد الوحيد من هذا الكتاب هو المدعى عليه شخصياً. وأشارت حيثيات القرار الى أنه لم يثبت من التحقيقات كافة ارتكاب الزوجة لأي تزوير في المستندات مع "جان" ما يقتضي منع المحاكمة عنها، والظن بـ"جان. د" بمواد قانونية تصل عقوبتها الى السجن ثلاث سنوات وأحاله على القاضي المنفرد الجزائي في بيروت للمحاكمة.