اختصاصية التغذية ناتالي جابرايان
يتحلّى خلّ التفاح بمذاق لذيذ يمكن الإفادة منه بمجرّد إضافته إلى سَلطات الخضار، والصلصات، والمخلّلات المحضّرة في المنزل. واللافت أنّ الشعوب استخدمته منذ القِدم لعلاج مختلف الأمراض بدءاً من الإنفلونزا وصولاً إلى النتوءات الصغيرة على الجلد. فهل صحيح أنه يمكن بواسطته الوقاية من المشكلات الصحّية وحتّى مُداواتها؟ وماذا عن حقيقة ارتباطه بخسارة الوزن؟
تعدّدت الفوائد الصحّية المنسوبة إلى خلّ التفاح، الذي يُصنع من خلال تخمير ثمار التفاح، على رغم عدم توافر حقائق علمية ملموسة لدى بعضها. لكنّ الخبراء في معظمهم يعتقدون أنّ إضافة القليل من هذا السائل الحامض إلى الغذاء له منافع صحّية عدّة.
وتعليقاً على هذا الموضوع، قالت اختصاصية التغذية، ناتالي جابرايان لـ»الجمهورية» إنّ «خلّ التفاح غنيّ بعناصر غذائية مهمّة كالفيتامينات B التي تساعد الجسم على إنتاج الطاقة، والفيتامين C الذي يقوّي الجهاز المناعي، والفوسفور والكالسيوم الأساسيين لعظام وأسنان صحّية، والبوتاسيوم الذي يتحكّم بتوازن المياه في الجسم ويضمن دقات قلب صحّية، والحديد المطلوب لنقل الأوكسيجين إلى الخلايا، والماغنيزيوم الذي يساعد على الهضم ويشارك في امتصاص الكالسيوم لبناء عظام قويّة، والقليل من الصوديوم المهمّ للحفاظ على ضغط دم سليم. واللافت أنّ كلّ ملعقة كبيرة من هذا السائل تحتوي ما بين 1 إلى 3 وحدات حرارية وفق مدى نقاوته».
وشدّدت على «أهمّية شراء منتجات خلّ التفاح العضويّة لإفادة كبرى من العناصر الغذائية التي تحتويها، بما أنّ الأنواع المصنّعة تفتقر إلى الكثير من المنافع والخصائص المهمّة».
خصائص صحّية وجماليّة
وتابعت: «استناداً إلى قاعدة بيانات علمية، يتميّز خلّ التفاح بفوائد عدّة أبرزها:
- يعزّز امتصاص الكالسيوم الموجود في الخضار والفاكهة ومنتجات الحليب.
- يحسّن الهضم بما أنّ الجسم يحتاج إلى الحموضة كي تعمل الأنزيمات المساعدة على الهضم بكفاءة عالية.
- يخفّف تشنّجات الساقين والآلام ويعالج مشكلات الجيوب الأنفية.
- يخفّض الضغط المرتفع ويحسّن تدفّق الدم.
- يقلّص معدل الكولسترول السيّئ بفضل احتوائه مادة البكتين. يُشار إلى أنّ ثمة أشخاصاً يعانون حساسية على البكتين وبالتالي يجب عليهم تجنّب هذا السائل.
- يتحلّى بنشاط مُضادّ للأكسدة: يحتوي خلّ التفاح مادة البيتا كاروتين التي، بحسب Mayo Clinic، تكافح الأضرار التي تسببها الجذور الحرّة وهو الأمر الذي يعزّز الجهاز المناعي.
- يتمتّع بخصائص مُضادّة للفطريات والإلتهابات: يمكن القضاء على فطر Malassezia Furfur المُسبّب لقشرة الرأس من خلال الخصائص المُضادّة للفطريات الموجودة في خلّ التفاح. المطلوب تحضير محلول مؤلّف من المياه (50 في المئة) وخلّ التفاح (50 في المئة) ثمّ وضع المزيج على فروة الرأس وتركه لبضع دقائق قبل شطفه.
من جهة أخرى، إنّ إضافة خلّ التفاح إلى حوض الاستحمام قد تُهدّئ آثار حروق الشمس، ووضعه في سَلطات الخضار قد يخفّف الالتهاب الداخلي الذي يُصيب الجهاز الهضمي.
- يعالج البثور وحروق الجلد.
- يقلّص احتباس السوائل ويقي من الإمساك.
- يُفيد جداً مرضى التهاب المفاصل من خلال إضافته إلى نظامهم الغذائي».
علاقته بالسكّري والوزن
أمّا الميزتان الأساسيتان لخلّ التفاح، فترتبطان بتأثيره في السكّري والوزن. وفي هذا السِياق، أوضحت جابرايان أنه «وفق دراسة أجرتها الجمعية الأميركية للسكّري عام 2014، توجد وعود جدّية لمساعدة مرضى السكّري من خلال تناول خلّ التفاح، لكن بالتأكيد يجب عدم المبالغة.
فهو يحتوي حامض Acetic الذي يُبطئ هضم النشويات وبالتالي يمنع ارتفاع مستوى الغلوكوز في الدم. وكنتيجة لهذا الأمر، يشارك خلّ التفاح أيضاً في خسارة الوزن بما أنّ الإنسولين يؤثّر في مخزون دهون الجسم».
وأضافت: «بهدف التأكّد أكثر من علاقة خلّ التفاح بعالم الرشاقة، تابعت دراسة يابانية حالات 175 شخصاً بديناً لا يعانون مشكلات صحّية، وقُسّموا إلى مجموعتين بحيث حصلت الأولى على خلّ التفاح والثانية على المياه يومياً لمدّة 12 أسبوعاً، علماً أنّ نظامهم الغذائي كان مشابهاً. وتبيّن أنّ الفئة التي زُوّدت بخلّ التفاح خسرت الوزن وتحلّت بمؤشر كتلة جسم أقلّ (BMI) وانخفضت لديها دهون البطن.
وشرح الباحثون أنّه من خلال تذويب ملعقة كبيرة من خلّ التفاح في كوب من المياه وسكب المزيج على إحدى الوجبات الغذائية مرّتين في اليوم لعام واحد، يمكن خسارة نحو 6 كيلوغرامات سنوياً، من دون الحاجة إلى القيام بتعديل كبير على الغذاء ولكن بالتأكيد من دون تناول الكثير من الوجبات السريعة والسكّريات.
وللحصول على نتائج أفضل يُستحسن اتباع غذاء متوازن مؤلّف من نحو خمس وجبات صغيرة، وممارسة الرياضة ثلاث مرّات أسبوعياً. وأكّدوا أنّ هذه الطريقة ستعزّز عملية الأيض وخسارة الوزن، وتخفّض الشهيّة، وتحسّن الهضم».
طريقة الإفادة منه
وسلّطت جابرايان الضوء على الأساليب الخاطئة التي يعتمد عليها الكثيرون من أجل خسارة الوزن، لعلّ أبرزها شرب خلّ التفاح صباح كلّ يوم على معدة فارغة، فحذّرت من أنّ «هذا التصرّف قد يُلحق الضرر بمينا الأسنان والمريء ويؤدي إلى تقرّحات ومشكلات في المعدة بما أنه يتحلّى بمعدل حموضة عال. كذلك يجب عدم المبالغة في استخدامه إنما الاكتفاء بوضع ملعقة إلى ملعقتين كبيرتين في كوب ماء، ثمّ سكب المزيج على الطبق الغذائي مرّة إلى مرّتين في اليوم».
وأشارت إلى «وجود مكمّلات غذائية لخلّ التفاح لكنّ مفعولها لا يشبه كلّياً الخلّ العضوي خصوصاً وأنّ مواد أخرى مصنّعة تدخل في تركيبتها. لذلك يُنصح بتفاديها والاستعانة بالنوع الطبيعي».
الحذر أثناء استخدامه
من جهة أخرى، أكّدت جابرايان «وجوب التعامل مع خلّ التفاح بحذر، فصحيحٌ أنه يحتوي البوتاسيوم لكنه قد يؤدّي إلى خسارة هذا المعدن في الجسم، لذلك يجب التركيز على مصادره (البندورة، الورقيات الخضراء، الموز، التمر). وصحيحٌ أيضاً أنه يخفّض مستوى السكّر في الدم، غير أنّ استهلاكه مع أدوية السكّري قد يؤدي إلى نقص شديد في الغلوكوز لذلك يجب مراقبته بانتظام.
أمّا في ما يخصّ الحوامل والمُرضعات، فلم تؤكّد أيّ دراسة أنه يؤثر إيجاباً أو سلباً في مثل هذه الحالات لذلك يُنصح بتفاديه أو استهلاكه أحياناً»، لافتةً إلى أنه «يتفاعل مع حقن الإنسولين، والأدوية المُدرّة للبول، وعقاقير الكولسترول».
وختاماً دعت جابرايان إلى «الإفادة من قيمة خلّ التفاح الغذائية والصحّية بطريقة معتدلة وآمنة، واعتباره بمثابة وسيلة تعزّز خسارة الوزن ولكنها لن تحلّ إطلاقاً مكان الرياضة والغذاء الصحّي المتنوّع والمعتدل»، كاشفةً أنه «يمكن تعقيم الخضار والفاكهة بواسطة المياه والخلّ لنحو خمس دقائق، فهو يشكّل أداة فعّالة لطرد البكتيريا بدلاً من استخدام الكيماويات. كذلك يمكن نقع الدجاج بالخلّ العضوي لطرد السموم منه».