لها - منذ القدم، استخدم الناس الألوان المستخرجة من بعض النباتات في تلوين ملابسهم أو لوحاتهم الفنية أو الأعلام التي تعبّر عن انتماءاتهم وتوجّهاتهم. لكن في العصر الحالي، أثبت الكثير من الدراسات أن للألوان تأثيراً في خلايا جسم الإنسان، بحيث يساهم بعضها في توليد طاقة إيجابية تُشعر المرء بالراحة النفسية والهدوء، بينما بعضها الآخر يجعله عُرضةً للتوتر والانزعاج، ولهذا يفضّل المرء لوناً على غيره من الألوان، لكونه مرتبطاً بخلايا جسمه ويؤثر في نفسيته. كما يمكن الألوان أن تعالج بعض الأمراض الجسدية، لكن كيف تعمل بعض الألوان على تحسين الحالة النفسية وتساهم في علاج الأمراض الجسدية؟
- هل من سيكولوجية محددة للألوان بحسب علم النفس تنعكس على صحتنا؟
أثبتت دراسات كثيرة أجراها اختصاصيون في مختلف الجامعات العالمية أن الألوان ليست موجات واهتزازت ضوئيّة فحسب، بل لها تأثيرات تصل إلى أعماق النفس البشرية، وتنقسم إلى تأثيرات إيجابية تعبّر عن الراحة والحب والبهجة، وأخرى سلبية تثير في نفوسنا مشاعر القلق والاضطراب والحزن. وتؤكد النظريات الأساسية في علم النفس أن لكل لون من ألوان الطيف ذبذباته الخاصة، والتي تتفاعل معها خلايا الجسم فتُصدر تردّدات تختلف باختلاف الحالة النفسية للشخص. لذلك تساعد بعض الألوان على تغيير تردّدات خلايا الجسم من خلال ذبذباتها، فعندما يكون الجسم في حالة من عدم التوازن، يلجأ إلى البحث عن اللون ذي التذبذب المساعد له للخروج من هذه الحالة، وبالتالي ينعكس اللون على العين ويؤثر في الجهاز العصبي، كما يمكن أن يساهم في العلاج من مرض معين أو التخفيف من حدة الألم.
- لماذا نفضل لوناً على غيره من الألوان؟
لكلٍ منّا لونه المفضّل، ويرافقنا هذا اللون منذ صغرنا إلى أن نكبر، وفي الكثير من الأوقات نختار ملابسنا وديكور منزلنا من هذا اللون، والسبب أن الجسم يكون بحاجة إلى التذبذات التي يمنحه إيّاها هذا اللون، أي يشعر بالراحة لمجرد رؤيته أو انعكاسه على العين. كما أن اختيار لون محدد يرجع إلى طبيعة الشخص والبيئة التي يعيش فيها، ناهيك عن أن شخصية الفرد تدفعه لتفضيل لون على آخر، فالأشخاص مرهفو الإحساس يميلون الى الأزرق، ويختار المتفائلون في الحياة اللون الأصفر، ويفضل أصحاب الشخصيات الاجتماعية اللون البرتقالي، بينما يعبّر البنّي عن شخصية صلبة وقاسية، والأخضر عن شخصية متسامحة ومتفهمة، ويميز الأسود أصحاب الشخصيات الغامضة والجادّة، والأبيض يعبر عن شخصية متسامحة وطيبة، والأحمر هو لأصحاب الشخصيات العاطفية.
- وكيف تؤثّر بعض الألوان في الصحة النفسية؟
رغم الاختلاف في وضع قاعدة محددة لتفسير تأثير لون في نفسية الإنسان، إلّا أن هناك اتفاقاً على تأثير بعض الألوان أكثر من غيرها، وهي:
الأبيض: للون الأبيض تأثير قوي في إدخال مشاعر الهدوء والسلام والطمأنينة الى النفس البشرية، وتبين أنه إذا كان المرء يشعر بالانزعاج أو الغضب، يكفي أن ينظر إلى أي شيء لونه قريب من الأبيض ليشعر بالهدوء ويتخلص من مشاعر الغضب التي تجتاحه. كما أن الأبيض يعطي الشعور بالأمان، ولذلك اختيرت ملابس الأطباء بهذا اللون.
الأسود: هذا اللون يمنح المرء مباشرةً الشعور بالتحكّم بزمام الأمور، ولذلك يختار المديرون في الشركات بذلات سوداء لما يمنحه هذا اللون من شعور بالسيطرة. لذا، إذا كنتِ تتحضّرين لمقابلة عمل مهمة، اختاري ملابسك باللون الأسود لكونه يمنح القوة ويعزّز الثقة بالنفس.
الأزرق: يساعد هذا اللون في السيطرة على العواطف والمشاعر ويخلق شعوراً بالاستقرار النفسي، والأهم أنه يعمل كمهدّئ للأعصاب، وقد ثبُت ذلك من خلال تجارب أُجريت على أطفال عدائيين وسريعي الغضب، حيث وضِعوا في صفّ دراسي طُليت جدرانه باللون الأزرق، ومع مرور الوقت تراجع مستوى عدائيتهم بشكل ملحوظ.
الأحمر: من منا لا يرغب في التخلص من مشاعر الخمول والكسل والإحساس الدائم بالإجهاد؟ إذا كنتِ ترغبين في التخلص من هذه المشاعر، عليك باللون الأحمر لأنه يعمل على تحفيز أعضاء الجسم وتنشيطها للقيام بمختلف الوظائف.
الأخضر: هو لون الطبيعة، ومن أكثر الألوان المفيدة للأشخاص الذي يعانون من الاكتئاب أو الإحباط لكونه يساعد على منحهم الشعور بالسعادة والأمل والتفاؤل.
الأصفر: يرتبط اللون الأصفر بالشمس وسطوعها، ولذلك له تأثير قوي في الصحة النفسية إذ يعزّز الشعور بالفرح والسعادة وينشّط عمل الدماغ، كما يحفّز على الإبداع في حال القيام بعمل يحتاج إلى التركيز.
البرتقالي: إذا كان لديك عمل ولا تشعرين بالحماسة للقيام به، عليك الاعتماد على اللون البرتقالي لكونه يزيد من شعور الحماسة ويحفّز على الإبداع، كما أن البرتقالي من الألوان التي تعمل على مواجهة الإحباط واليأس والمشاعر السوداوية.
- إلى جانب التأثيرات النفسية، كيف تساهم الألوان في علاج بعض الأمراض الجسدية؟
إذا كنت تعتقدين أن علاج بعض الأمراض الجسدية غير ممكن إلّا بتناول الأدوية الخاصة بها أو بالخضوع للعمليات الجراحية، عليكِ معاودة التفكير في هذا الأمر. فقد تبين أن هناك علاقة بين الألوان وبعض الأمراض الجسدية، حيث تساهم الألوان في الشفاء من الأمراض، أو على الأقل في التخفيف من حدّة الآلام التي ترافقها، ومن أبرز هذه الألوان:
الأبيض: يساهم اللون الأبيض في علاج الأطفال المصابين بمرض اليرقان الصفراء عند الولادة، أو الذين يصابون به في عمر متقدّم، واليرقان هو الخلل في عمل الكبد، وذلك من خلال تعريضهم لضوء شديد البياض (نيون) فيُشفون تماماً.
الأزرق: يساعد اللون الأزرق في تبطيء سرعة ضربات القلب وتنظيمها، كما أن التعرّض لأشعة باللون الأزرق مهم جداً للمرضى الذين يعانون مشاكل في عملية التنفس. وأثبتت دراسات أن تعريض المريض المصاب بالتهاب مفاصل روماتيزمي للون الأزرق مدة 15 دقيقة يساعد بشكل ملحوظ في تخفيف حدّة الألم.
الأخضر: يخفّف اللون الأخضر من الآلام الناجمة عن مرض السرطان في مختلف مناطق الجسم، وذلك من خلال النظر الى مساحات خضراء شاسعة أو التعرض لأشعة باللون الأخضر.
الأصفر: يؤثر اللون الأصفر في عمل البنكرياس والكبد والطحال حيث يعيد بناء الأنسجة فيها، كما أنه يساعد الدماغ في الاحتفاظ بالمعلومات وبالتالي يقوّي الذاكرة، كذلك يساهم هذا اللون في تنظيم نبضات القلب وضغط الدم في الجسم.
الأحمر: أثبتت بعض الدراسات أن تسليط أضواء حمراء على عيون أشخاص يعانون من الصداع النصفي يساعد بنسبة 93 في المئة على الشفاء منه، ذلك أن الأحمر يساهم في ارتفاع ضغط الدم وتوسيع الأوعية الدموية.
البرتقالي: يساعد البرتقالي في فتح الشهية عند المرضى الذين يعانون من انقطاع الشهية، كما يساهم التعرض لأشعة باللون البرتقالي في علاج التهابات العيون مثل التهاب القرنية، ناهيك عن قدرته على تنشيط عمل عضلة القلب.