من اسمٍ عملاق في عالم صناعة السيارات العالمية إلى واحدٍ من أكثر المطلوبين شهرةً في العالم.. ما الذي جرى مع كارلوس غصن؟ متى وكيف حدث ما حدث؟ الكثيرون تابعوا بعض جوانب الفصول المُقتضبة للقصة التي راحت تتكشّف تباعاً عبر وسائل الإعلام العالمية، ولكن لم يسبق لأحدٍ أن سمع الرواية الكاملة بتفاصيلها على لسان صاحبها.
اليوم بات ذلك متاحاً عبر العمل الوثائقي “كارلوس غصن: The Last Flight” الذي يأتي في سلسلةٍ من عدة حلقات على منصة “شاهد VIP” – المنضوية تحت مظلّة “مجموعة MBC” – وذلك اعتباراً من 8 يوليو 2021، في عرضٍ أولٍ مرتقب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
يُعدّ العمل ثمرة إنتاجٍ مشترك بين MBC STUDIOS- الذراع الإنتاجية لـ “مجموعة MBC”- وشركة ALEF ONE العالمية المتخصصة في إنتاج الأفلام الوثائقية، والتي تتخذ من فرنسا مقراً لها.
لقد أذهل كارلوس غصن العالم بعملية هروب غامضة وفائقة الدقة مِن قلب اليابان تُحاكي الطريقة الهوليوودية في أفلام الأكشن، وذلك بعد اتهامه بقضايا فساد مالي. ولكن ما الذي أدّى إلى التحوّل المذهل في حياة كارلوس غصن مِن أحد ألمع الأسماء العالمية في عالم صناعة السيارات إلى مطلوبٍ دولي؟ هل هناك ما يدعم صحّة مزاعمه حول وجود مؤامرة مؤسساتية كبرى ضدّه؟ يُسلّط هذا العمل الذي يحمل توقيع المخرج نيك غرين – المرُشح لجائزتي بافتا وإيمي العالميتيْن – الضوء على تلك القصة المذهلة بتفاصيلها المثيرة وتداعياتها المتلاحقة.
مِن جانبه يؤكد مخرج العمل نيك غرين على أنه حرص على “تقديم رواية كارلوس غصن بطريقةٍ سردية من شأنها مقاربة ما جرى من ناحيتين: أولاً عبر مقاطعتها مع لقاءات وإفادات لأشخاص مُطّلعين على دواخل الأمور وداعمين لرواية غصن، الأمر الذي يمنح القصة بُعداً حقيقياً يكشف عن معلوماتٍ تفصيلية من الداخل. والثاني عبر تسليط الضوء على قضية يصفها كارلوس غصن بأنها معركة خاضها بنفسه ضد الظلم في ظلّ غياب العدالة، مما يعيد إلى الأذهان، على حدّ وصف نيك غرين، المعركة الشهيرة لـ داوود الطيب ضد جالوت الشرير، وهزيمة الأخير. يتساءل غرين: “هل تلك حقيقة ما جرى بالفعل مع كارلوس غصن؟ للمسألة عدة مقاربات ووجهات نظر مختلفة سنسلّط الضوء عليها، مع التركيز على الرحلة الأخيرة الأكثر غموضاً في عملية هروب غصن، والتي تمثل المحور الرئيسي للحبكة.” ويختم غرين: “بالنسبة لكارلوس فإن إفصاحه اليوم عن مُلابسات ما جرى وسرد قصته كاملةً أمام العالم سيترك أثراً مدوّياً لدى كل من يسمعها، سيّما وأن للرواية حبكةً تحبس الأنفاس.”
الجدير ذكره أن العرض الأول لـ “كارلوس غصن: The Last Flight” كان خلال “مهرجان شيفيلد العالمي للأفلام الوثائقية” Sheffield DocFest 2021 في وقت سابق من هذا الشهر.
لقاءات حصرية مع غصن وزوجته كارول، ومَشاهد صُوّرت في لبنان وفرنسا واليابان وانكلترا وجنوب أفريقيا..
إلى جانب تصوير مشاهد العمل في كل من لبنان وفرنسا واليابان وإنجلترا وجنوب إفريقيا، يُقدم “كارلوس غصن: The Last Flight” معلومات حصرية عن قصته التي يرويها بنفسه، إضافةً إلى لقاءٍ مع زوجته كارول، ناهيك عن العديد من المقابلات الأخرى واللقطات الأرشيفية التي تُعرض للمرة الأولى.
من ناحية أخرى يوضح المخرج نيك غرين أن البطلة الرئيسية الأخرى في هذه القصة هي كارول غصن، إنْ كان ذلك من خلال قدرتها على تغيير زوجها، أو عبر كفاحها المُستميت في الدفاع عنه. ويضيف: “لا أحد منّا يعرف فعلاً ما قد يعنيه تسلّم زمام الإدارة في صناعةٍ عالمية تُقدَّر ميزانيّتها بمليارات الدولارات، لكننا جميعاً ندرك أهمية الحب وقيمة الشعور بالأمان داخل العائلة. هذا باختصار ما تضيفه كارول إلى العمل، ناهيك عما تقدمه من إفادات ومعلوماتٍ قيّمة.” ويختم غرين: “لم أعمَد أبداً مِن موقعي كمخرجٍ إلى معالجة قصة غصن بوصفها قضية تتعلّق بعالم المال والأعمال، بل سعيتُ إلى تقديمها كقصة إنسانية بامتياز، لذا فإن شهادة كارول وتصريحاتها سيمنحان هذا الجانب قيمةً مضافةً، مما سيمكّننا جميعاً كمشاهدين من إدراك القصة بأبعادها الإنسانية والعاطفية”.
جانبان مختلفان من شخصية كارلوس غصن
ترى المنتجة التنفيذية نورا ملحلي الحائزة على العديد من الجوائز في المهرجانات العالمية، أن “كارلوس غصن: The Last Flight” يعمد إلى “إظهار جانبيْن مختلفيْن من شخصيته، الأول يعكس الشخصية العامة كما يعرفها الناس واعتادوا مشاهدتها؛ أما الجانب الثاني فيلقي الضوء على كارلوس غصن – الإنسان بِسماته الشخصية وصفاته الخاصة. كما يكشف العمل عن كيفية تمكّن النظام المؤسساتي من الإنقلاب على أحد أبرز قيادييه، وبالتالي سحق صورة كارلوس غصن، هو الذي لطالما كان أحد عمالقة المدراء التنفيذيين في هذا القطاع المؤسساتي وواحدٍ من المتحكّمين بمفاصله، وذلك بحسب تصريحات غصن شخصياً.” وتستطرد ملحلي: “سيتمكّن الجمهور من تكوين انطباعاته الخاصة حول هذه القصة المذهلة التي قد يصعب تصديق بعض تفاصيلها، وذلك من خلال متابعة المقابلات الحصرية التي سيعرضها العمل مع كارلوس وزوجته كارول، وكذلك زملائه في نيسان ورينو، إلى جانب عدد من السياسيين والصحفيين والمحامين والُمدّعين العامّين اليابانيين السابقين وغيرهم”.
وحول اختيار نيك غرين مخرجاً للعمل، توضح ملحلي: “في جعبة غرين أعمال لافتة نالت كل التقدير والإعجاب، ولا سّيما مقارباته المميزة لشخصيات عالمية استثنائية عبر أفلام وثائقية أخرجها على غرار: “بوتين: قصة الجاسوس الروسي” – Putin: A Russian Spy Story؛ و”السلالة الخطرة: بيت الأسد”
A Dangerous Dynasty: House of Assad.” وتستطرد ملحلي: “هناك قصة موازية يرويها العمل بين سطوره إلى جانب قصته الرئيسية.. فبالإضافة إلى كل من نسلَّط الضوء عليهم من شخصيات ضالعة في قصة غصن عبر مصالحها المالية والسياسية، يُمثّل العمل ما يمكن تشبيهه بـالـ “صورة السينية” أو صورة الأشعة التي ستفتح عيوننا على الجزء الداخلي الخفيّ من هذا العالم الذي نعيش فيه”.
وجهة نظر الجهتين المنتجتين MBC STUDIOS وALEF ONE
بدايةً يقول بيتر سميث، المدير الإداري لـ MBC STUDIOS: “يُعّد “كارلوس غصن: The Last Flight” واحداً من أبرز أعمالنا المرتقبة لهذا العام، وذلك نظراً لطبيعة أحداثه والإقبال الجماهيري الواسع الذي لقيته تلك الأحداث إقليمياً وعالمياً.” ويتابع سميث: “يتماهى ذلك مع أهدافنا في MBC STUDIOS حيث نسعى لرواية القصص المحلية والإقليمية عبر نقلها إلى العالم.” ويختم سميث: “في جعبتنا المزيد من الأفلام والمسلسلات قيد التحضير، والتي ستلقى بدورها أصداءً عالمية واسعة، فكونوا على الموعد.”
من جانبها توضح نورا ملحلي أن العمل كان بمثابة تحدٍّ حقيقي على الصعيد الإنتاجي، وذلك نظراً لظروف السفر والتصوير التي قيّدتها الأوضاع الصحية العالمية الأخيرة، لا سيمّا أن التصوير جرى في خمسة بلدان هي لبنان وفرنسا واليابان وإنجلترا وجنوب إفريقيا. وتختم ملحلي: “اضطررنا في بعض الأحيان إلى إخراج ودمج عدد من اللقطات عن بُعد، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف التوقيت بين المملكة المتحدة واليابان على سبيل المثال لا الحصر (ثماني ساعات)، حيث اضطر نيك غرين إلى إخراج اللقطات اليابانية النهارية خلال تواجده في لندن ليلاً.”
الجدير بالذكر أن ملحلي، التي أسست شركة ALEF ONE في عام 2018، قامت بإنتاج العديد من الأعمال التي لقيت أصداءً واسعةً في الأسواق الإعلامية الفرنسية والعالمية.
وبعد العرض الأول له على “شاهد VIP” سيُعرض “كارلوس غصن: The Last Flight” على شبكة BBC، في وقتٍ لاحق من هذا العام.
بصراحة