بيّنت إحصاءات المديريّة العامّة للشؤون العقاريّة إنخفاضا في عدد المعاملات العقاريّة في لبنان بنسبة 5.44% سنويّاً إلى 61.996 معاملة خلال الأشهر الـ11 الأولى من العام 2013، مقابل 65.562 معاملة خلال الفترة نفسها من العام السابق، وهذا ما يعكس تأثير الأوضاع السياسية والأمنية والإقتصادية الراهنة على القطاع العقاري الذي يعد من أقوى وأهم القطاعات التي تمكنت من الصمود في ظل الأزمات التي مرت بلبنان على مدى سنوات.
ولمعرفة أوضاع القطاع العقاري في ظل الأزمة الإقتصادية الخانقة التي مرت بلبنان في العام 2013، ومدى إمكانية صموده إذا إستمرت الأوضاع على ما هي عليه في 2014، كان للنشرة الإقتصادية حديث خاص مع الخبير الإقتصادي والعقاري شوقي فرحات الذي أبدى ثقته بالقطاع العقاري في لبنان وتفاؤله بالنسبة لمستقبل لبنان الإقتصادي.
- كيف تصف وضع القطاع العقاري في لبنان حاليا في ظل الأزمة الإقتصادية الراهنة؟
القطاع العقاري في لبنان حاليا يعاني من الجمود، بسبب تراجع الثقة في الإقتصاد اللبناني بشكل عام والذي تسببت به الأوضاع الأمنية والسياسية الداخلية، بالإضافة الى الأوضاع الإقليمية المحيطة، ولكن بشكل عام العقار لم يتأثر بشكل كبير لأن النمو في هذا القطاع مازال موجودا ولكن بوتيرة أبطأ من السابق، وفيما يخص الشقق السكنية فهي تأثرت أكثر من العقار ولكن الطلب عليها مازال موجودا بسبب الحاجة الى المسكن، وهذا ما يجعل القطاع العقاري ينمو ولكن بوتيرة بطيئة.
- برأيك هل يستطيع القطاع العقاري الصمود أكثر إذا إستمرت الأوضاع على ما هي عليه؟
القطاع العقاري عادة ينمو في الأزمات لأن كل الناس تتجه في الأزمة الى العقار لأنه الأضمن، وأنا أعتقد أن القطاع صامد لأن وضع القطاع المصرفي في لبنان لا زال جيدا والثقة به ما زالت موجودة، كما ان مصرف لبنان يقدم تسهيلات من خلال قروض بفائدة مخفضة، وطالما أن الوضع بقي هكذا، فالقطاع العقاري سيبقى صامدا.
- بحسب إحصاءات المديرية العامة للشؤون العقارية، تراجعت معاملات البيع العقاري 5.44% هذه السنة. ما رأيك بهذه الأرقام؟
لا شك أن معاملات البيع العقاري تراجعت عن السنوات السابقة، وهذا التراجع الذي وصل الى 5%، هو بالمقارنة مع السنة الماضية، وأنا أعتبر أنه لازال في الحد المقبول، لأن هذه النسبة ليست كبيرة، ولو ان الأوضاع التي يمر بها لبنان مرّت على بلد أخر، لتراجعت معاملات البيع العقاري بأكثر من 50%. لذلك هناك تباطؤ بسيط، ولكنه ليس كبير جدا.
- الى أي مدى ساهم وجود اللاجئيين السوريين في لبنان بتنشيط القطاع العقاري، وخصوصا الميسورين منهم؟
اللاجؤون السوريون الأثرياء هاجروا معظمهم الى الدول الخليجية، والأوروبية، ولم يأتي منهم الى لبنان سوى أعداد قليلة جدا، وباقي اللاجئين هم من الفقراء. لذلك أنا أعتقد أن مساهمتهم في تنشيط القطاع العقاري كانت بسيطة جدا، كما ان وجود أعداد كبيرة من اللاجئيين شكل أعباء وأزمات من جهات أخرى، أمنيا وإجتماعيا وإقتصاديا .. الخ.
- ما الخطوات التي يمكن أن نقوم بها داخليا مع قدوم العام الجديد لمحاولة تحسين الوضع الإقتصادي بشكل عام والقطاع العقاري بشكل خاص؟
يجب العمل على التوصل الى حد أدنى من الإستقرار السياسي بين جميع الأفرقاء، مما سينعكس إيجايبا على الأوضاع الأمنية، حيث يمكن السعي للوصول الى قواسم مشتركة وحد أدنى من التفاهم. كما أنه يجب العمل على ملف الثروات النفطية وتحريكها، فهي ستساهم في خلق ثقة بالإقتصاد على الرغم من أن النفط سيأخذ سنوات لإستخراجه. ومن ناحية أخرى يجب التركيز على القطاع السياحي، والعمل على إنعاشه من جديد لأنه المساهم الأكبر في الإقتصاد الوطني، والقيام بحملات دعائية لتشجيع الأجانب والعرب واللبنانيين المغتربين على العودة الى لبنان والإستثمار فيه.
- ما هي توقعاتك لأسعار العقارات والشقق في لبنان العام المقبل؟
الأسعار سترتفع في 2014 في حال التوصل الى إتفاق لحل الأزمات في المنطقة. أسعار العقارات والشقق في لبنان لم تنخفض منذ سنتين، ولكنها جامدة، والجمود برأيي هو تراجع أيضا، ولكن أعتقد أن الأسعار لن تبقى على حالها في 2014 ويمكن أن ترتفع، خصوصا إذا تم التوصل الى إتفاق لحل الأزمات في المنطقة، مما سينعكس إستقرارا على الوضع السياسي والأمني والإقتصادي في لبنان.
- هل تعتبر أن سنة 2013 هي أسوأ السنوات التي مرت على لبنان؟ وما هي توقعاتك للعام 2014؟
لا أوافق على ما يقوله البعض بأن سنة 2013 هي الأسوأ، فقد مر على لبنان سنوات أسوأ بكثير، وذلك لأن وضعنا المالي ما زال إيجابيا، رغم أنه يمكن ان يكون أفضل، وأنا متفائل بالنسبة للمستقبل لأني أرى أن المنطقة متجهة الى توافق عالمي وإقليمي، كما ان هناك نية دولية للمحافظة على إستقرار لبنان بالحد الأدنى على الرغم من بعض الأحداث الأمنية التي حصلت في بعض المناطق.