على قاعدة "رب ضارة نافعة" فإن هبوط أسعار الشقق 20% يعود بالفائدة على ذوي الدخل المحدود.
وفي الأرقام والمؤشرات فقد تراجع الإستثمار في بيروت وحدها 35% تقريباً مقارنةً بالعام 2014 وترتفع هذه النسبة إلى 60% مقارنةً بين العامين 2011 و2015.
أما في سائر المناطق فقد انخفض الإستثمار 12% تقريباً في خلال عام واحد وحوالى 40% بين العامين 2011 و2015.
وبهذا فقد هبط الإقبال بشكل لافت جداً على الشقق الكبيرة بينما لجأ منشئو الأبنية إلى نوع من التوازن، إذا جاز التعبير، بين العرض والطلب فمالوا صوب الشقق الصغيرة المساحات التي تقل أحياناً عن 100م وراحوا يخفضون تدريجياً عدد أبنيتهم التي شيدوها في خلال هذه الحقبة الصعبة جداً من تاريخ لبنان.
يذكر أن القروض الميسرة من المؤسسة العامة للإسكان تسهم بقوة في حلحلة المشاكل التي يواجهها الإستثمار وتراجع قدرات المواطنين وضيق فرص العمل وارتفاع نسبة البطالة.
وتعطى القروض المدعومة من مصرف الإسكان كذلك من الصناديق الإسكانية العسكرية والأمنية، إلى جانب القرض المدعوم من مصرف لبنان الذي يعمل دائماً على صياغة سياسات نقدية ومالية تسهل مواجهة الأزمات وتحول دون وقوع المحظور.
ويشير المدير العام السابق للشؤون العقارية بشارة قرقفي إلى أن الأزمة ارتدّت سلباً على الحركة الإستثمارية في العام الماضي، وهو يصفها بأنها كانت أشبه بالجمود على مختلف المستويات وبالتراجع التراكمي الذي استطاع مصرف لبنان وتجار البناء أن يستوعبوه وأن يحدوا كثيراً من خسائره فلم تقع كارثة كان يمكن أن تكون احتمالاً كبيراً.
ومن مظاهر هذه الأزمة المستفحلة أن عدداً كبيراً من الخليجيين يبيعون ممتلكاتهم وشققهم التي تتراوح عادةً بين قصور وفلل ومنازل فخمة جداً. والمعروف أنها تتركز أساساً في بيروت وجبل لبنان خصوصاً في عاليه وبعبدا والمتن وكسروان.
في المقابل يشتري العراقيون والسوريون شققاً صغيرةً أومتوسطة الحجم على مختلف الأراضي اللبنانية.
وكانت أزمة نقص السيولة التي عصفت بلبنان نهاية القرن الماضي أدّت إلى جمود مخيف أصاب القطاع العقاري فأصبحت هناك 100 ألف شقة تقريباً غير مباعة.
ويقول قرقفي لـ "لبنان 24" إن منشئي الأبنية تداركوا مسبقاً وقوع أزمة مماثلة فعمدوا إلى تخفيض عدد الأبنية المشيدة وإلى تصغير أحجام الشقق، إضافةً إلى سياسة مصرف لبنان من خلال التسهيلات في القروض السكنية، الأمر الذي سهّل إلى حد بعيد جداً تسديد المقترضين لسنداتهم سواء أكانت للمصارف أم للبائعين مباشرةً.
وهو يرى أن الشقق غير المباعة لا يتجاوز عددها 35 ألف شقة، موضحاً أن استمرار عدم الإستقرار في لبنان سينعكس مزيداً من الجمود وتراجع الأسعار، لكنه يستبعد وصول الامور إلى حالة من الإنهيار بعد وقوع الكارثة لا سمح الله.
ويدعو قرقفي إلى الإسراع بانتخاب رئيس للجمهورية وإعادة تحريك المؤسسات لعودة الإنتظام العام ووضع حد لكل العوامل التي أدت الى الواقع الراهن في لبنان، مضيفاً: خير البر عاجله وكلما أسرعنا في ذلك كلما خففنا من الخسائر على اللبنانيين.
(خاص "لبنان24")