ثمة حملة إعلامية – إعلانية تضيء على سوء الأوضاع الاقتصادية.
سلوى بعلبكي
16 تموز 2013
في صرختها الثالثة التي اطلقتها منذ نحو شهر تقريبا، لوحت الهيئات الاقتصادية بتحركات تصعيدية هدفها الضغط باتجاه تأليف حكومة فاعلة ومتجانسة، والعودة الى "اعلان بعبدا"، والتحذير من تراجع معدلات النمو والانهيار الكامل.
إذا كانت الصرختان الاولى والثانية للهيئات لم تخرجا من جدران "البيال" و"فينيسيا"، فإن "صرخة الغضب التحذيرية ليبقى بلد واقتصاد" ذيلت بالتهديد بتحرك ميداني أشيع حينها أنه قد يكون توقف عن العمل أو اضراب وما الى ذلك، كي تكون الصرخة موجعة. شهر مر على لقاء الهيئات الاقتصادية، فأين أصبح تحركها، وما هي خطتها لتحريك السياسيين في اتجاه انعاش الاقتصاد؟.
مصادر الهيئات أكدت ان ثمة حملة اعلامية - اعلانية تضيء على سوء الأوضاع الاقتصادية، والخطر الداهم على المؤسسات والعمال والاقتصاد ككل من جراء الاوضاع السياسية والامنية في البلاد. وستتزامن الحملة مع نشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ ستخصص صفحة على "الفايسبوك" و"تويتر" تهدف الى جمع أكبر عدد من الاصوات تكون قادرة على توعية المجتمع السياسي والتأكيد لهم أنه مهما كان الخلاف عميقا بين الاطراف، إلا انه يمكن ان يجدوا مساحة للتلاقي بغية وضع خطة اقتصادية انقاذية.
لن تكلّ ولن تملّ
يبدو ان خطة تحرك الهيئات أصبحت جاهزة وهي تنتظر التوقيت المناسب للبدء بتنفيذها وخصوصا في ما يتعلق بالتحرك الميداني، وفق ما أكد رئيس جمعية تجار بيروت نقولا شماس لـ "النهار"، إذ أن التحرك الميداني في هذه المرحلة لن يجدي نفعا في ظل حكومة تصريف الاعمال. وفي الانتظار، ثمة تحرك من نوع آخر يضيء على خطورة الوضعين الاقتصادي والاجتماعي، فما هي عناوين الخطة التي تستعد لتنفيذها؟ وفق شماس، فإن اجتماعات الهيئات مفتوحة ولم تتوقف بعد اللقاء الاخير الموسع في "البيال". وإذ أكد ان الهيئات "لا تكل ولا تمل ونية التحرك ثابتة لديها"، الا انه اشار الى 3 عوامل تعاكس وتؤخر خطة التحرك لعل اولها العامل المؤسساتي، إذ في ظل غياب حكومة اصيلة، لا محاور رسميا ليتلقف مطالب الهيئات. العامل الثاني هو العامل الامني فتنقل الحوادث وتسارع وتيرتها يخطفان الاضواء عن سائر الملفات الاخرى. أما العامل الثالث فهو ظرفي بحت، مع مصادفة شهر رمضان حيث تشل فيه الحركة السياسية.
ولكن ما هي عناوين الخطة؟ يشير شماس الى ان خطة التحرك متصاعدة ومتدحرجة. الجزء الداهم منها متعلق بالرد على مشروع قانون سلسة الرتب والرواتب، اذ شكلت الهيئات لجنة تضم اتحاد الغرف وجمعيات المصارف والتجار والصناعيين، وهي مكلفة برفع الموقف الرسمي الى اللجنة البرلمانية المصغرة، وستفعل ذلك خلال الايام القليلة المقبلة.
وفي الخطة ثمة جزء اعلامي - اعلاني يهدف الى مخاطبة الرأي العام اللبناني، و"اطر هذا التحرك قيد التحديد"، وجزء آخر مطلبي إذ أن الملفات جاهزة لرفعها الى الحكومة العتيدة فور تأليفها.
يبقى الجزء الاخير وهو التحرك الميداني الذي يؤكد شماس أنه "قد نلجأ اليه اذا بقيت المراوحة الاقتصادية حتى ما بعد عيد الفطر"، مشيرا الى ان جمعية التجار هي من اكبر المتضررين وتاليا من اشد المتحمسين لتحرك نوعي على الارض، لكن لا قرار مركزيا للهيئات بعد بهذا الخصوص، والهدف هو عدم اضاعة ما تبقى من فصل الصيف بعد عيد الفطر والتعويض الجزئي على الخسائر المتراكمة.
زمكحل: الاضراب مستبعد
هل هذا التحرك كاف؟ وماذا عن التحرك الميداني الذي كان قد لوّح به اجتماع الهيئات الاخير في البيال؟ لم يجد رئيس تجمع رجال الاعمال فؤاد زمكحل جدوى للتحرك التصعيدي في ظل الظروف التي تمر فيها البلاد، إذ سأل "اذا اردنا الضغط فعلى من نضغط؟ فالرئيس نجيب ميقاتي هو رئيس حكومة تصريف اعمال وتاليا لا يمكنه تشكيل قوة ضاغطة، اما الرئيس تمام سلام فهو رئيس مكلف وهو حتى الآن لم يستطع تأليف الحكومة لكثرة المعوقات. وفي ما يتعلق برئيس الجمهورية ميشال سليمان فهو والحق يقال يساعدنا قدر الامكان ولكن في المقابل ليس لديه أي سلطة تنفيذية. فإذا كنا نريد الضغط بالهواء فإن ذلك سيسيء الى الاقتصاد اكثر".
وفي السؤال عن مصير الاضراب الذي لوحت به الهيئات قال زمكحل: "تنفيذه أمر مستبعد حاليا لأنه لن يكون موجها ضد أحد في ظل استقالة الحكومة"، معتبرا أن الاضراب لساعتين سيؤذينا كأصحاب عمل وعمال، والاضراب ليوم واحد فسيكون اضراباً تخريبياً أكثر مما هو اضراب تحذيري، أما الاضراب المفتوح فهو غير وارد، اذ ان السؤال هو لأي هدف وضد من سيكون الاضراب".
واذا كان البعض يحث الهيئات على عدم دفع الضرائب أو القيام بعصيان، فإن زمكحل يعارض ذلك على أساس أن الضرائب التي تدفعها المؤسسات واصحاب العمل تساعد على تسديد رواتب موظفي القطاع العام ومن بينهم القوى العسكرية والامنية التي نحرص على تقويتها لزيادة عامل الامن والامان في بلدنا.
ورغم الواقع الاليم الذي تمر فيه البلاد، فإن زمكحل يفضل أن تعطي الهيئات نظرة شفافة وايجابية "فالحفرة عميقة، ولا يجوز توسيعها أكثر... صحيح أنه علينا ابراز الصورة الحقيقة للواقع الاقتصادي، ولكن في المقابل ليس علينا أن نساهم في تدمير البلد واقتصاده".
http://newspaper.annahar.com/article/50382