وصل مشروع إنشاء أول جزيرة عائمة على سطح البحار في تاريخ البشرية إلى مراحله النهائية. الإنزال سيكون خلال أشهر قليلة في ميناء طرابلس على أن تبحر الجزيرة في اتجاه خليج جونيه، مع إمكان التحرك في اتجاهات عدة.
هذا المشروع الذي مزج الخيال بالعلم شكل خرقًا علميًا في تاريخ الصناعات البحرية، وأذهل أعظم المسارح الهندسية في العالم، بعدما تمكن المهندس اللبناني الدكتورعبد الله ضو من ابتكار علم هندسي متقدم وغير مسبوق في بناء الهياكل البحرية.
المشروع عبارة عن جزيرة عائمة على سطح المياه تبلغ مساحتها 3600 متر مربع، وتصل مساحتها الإجمالية بطوابقها الاربعة إلى 13 ألف متر. هي عبارة عن فندق خمس نجوم، يضم عشرات الغرف، وملهى ليليًا، وأحواضًا للسباحة، وصالة للأفراح تتسع لحوالي ألف وخمسمئة شخص، ومطعمًا على الروف، مع امكان زيارة الجزيرة عبرالهليكوبتر، والقيام بالعديد من النشاطات البحرية والرياضية المتنوعة.
الإبتكار الأول من نوعه في التاريخ سيحول وجهة استعمال البحر للمرة الأولى منذ أن صمم الفنيقيون هيكل السفينة. كلف مبتكره خمس عشرة سنة من الدراسات، حيث تمكن المهندس ضو من خلال أبحاثه من تفكيك المعضلات الهندسية التي كانت تحول دون تشييد جزيرته، وابتكر قواعد ونظريات هندسية خاصة، سبق من خلالها أسياد المهنة بعشرات الأعوام، وقصد موطنه لبنان لتحقيق حلمه على أرض الوطن، مصطحبًا معه ولديه المهندسين سومر وسوار، بعدما حصل على موافقة هيئة الملاحة الدولية. وبدأ الخطوات الأولى على دروب العزم والإبتكار والنجاح، متخطيًا الصعاب التي كانت توقف العمل مرات عدة، نتيجة عرقلة من هنا وظروف أمنية من هناك. فجهز ثلاثة مواقع لبناء الجزيرة في طرابلس، جونيه وقبر شمون، مستقدمًا المواد الأولية من الخارج، إضافة إلى الإستعانة بأربعمئة وعشرين مهندسًا وفنيًا عملوا جميعهم على إنجاز الإبتكار الجديد.
عبد الله ضو : أوسع خرق علمي
في أحد مواقع تشييد الجزيرة العائمة في جونيه، حيث مقر شركة "Beirut international"، يتواجد صاحب المشروع المهندس عبد الله ضو، الذي يواكب العمل مع ولديه على مدار الساعة، أشار في مقابلة مع موقع "ليبانون "24 إلى زخم العمل وفرادة التصاميم، سواء بالـfiber glass المستخدم في التصميم أو بالإنشاءات الحديدية المعدنية، والتي تسبق العالم الهندسي بأشواط، مضيفًا: "ما ترونه يمثل أول تطبيق عملي للهندسة المتطورة للجزر العائمة، التي أردنا تأسيسها في لبنان كأوسع خرق علمي للهندسة البحرية في تاريخ الإنسان بعد الفنيقيين، ونحن في اتجاه إنشاء صناعة بلبنان، ولن يقتصر عملنا على تنفيذ هذه الجزيرة العائمة فقط. يعمل في المشروع اليوم أربعمئة وعشرون مهندسًا وفنيًا من الدرجة الأولى على المستوى العالمي، نعمل كلبنانيين على أرض وطننا عبر ثلاثة مواقع لا تقل مساحتها عن 35 ألف متر مربع، وهدفنا إنتاج صناعة لبنانية تمتد عبر الزمن، بمقدورها استنادًا إلى دراسات الجدوى أن تخلق فرص عمل لعشرة الآف مهندس وفني خلال خمسة أعوام إذا أعطيت حقها من الإهتمام".
وإلى اللبنانيين المحبطين وجه الدكتور ضو رسالة قال فيها "اللبناني معذور اليوم نتيجة الحالة التي أوصلوه إليها من أداروا شؤون البلاد خلال نصف قرن، بحيث لم يُترك له مجال للتفكير أبعد من تأمين لقمة عيشه، وأقول للبناني أعزل نفسك عن المسرح الذي يعج بالممثلين والمنافقين وركز على ما تريد أن تحققه، فالبلد لك ".
تمويل سعودي
رحلة المهندس ضو في تنفيذ حلمه لم تكن سهلة، كثر من أبناء بلده حاولوا وضع العراقيل أمامه، وبفضل تصميمه ذلل الصعاب وتحدى المعطلين ومضى بإنتاج الجزيرة العائمة، بتمويل سعودي من قبل الدكتور طلال بن علي الشاعر. وفي هذا السياق يأسف ضو للكلام بحق المملكة العربية السعودية، موضحًا أن "الدكتور الشاعر عبر استثماره في الجزيرة العائمة حول إلى لبنان عشرات ملايين الدولارات، مما ساهم في إعانة مئات العائلات اللبنانية، من دون أن يسأل عن ضمانات أو حقوق، في وقت كان المتمولون اللبنانيون يهربون من الإستثمار، وبعضهم يعتلي المنابر ويتبجح من دون أن يساهم بليرة واحدة لإنقاذ بلده".
خلال وجودنا في المشروع إلتقينا وفد هيئة الملاحة الدولية الذي يشرف على المشروع، وكان لنا حديث مقتضب مع المدير التنفيذي لهيئة الملاحة الدولية Christos Efestathiou الذي قال "ما نراه اليوم من خلال الجزيرة العائمة يفوق توقعاتنا، هو المشروع الأول من نوعه، وبعدما وافقنا على المخطط، كانت لنا فرصة الإشراف على هذا العمل المتميز، نقوم بمراقبة أعمال البناء التي تنفذ من قبل فريق متخصص من المهندسين والتقنيين والفنيين، ونرى أن المشروع سيُطلق في وقته المحدد بمعايير عالية".
سوار التي درست الهندسة أيضًا، ترافق والدها إلى أكبر المعاهد الدولية في علم الهندسة في العالم لشرح ابتكاره، وتتابع سير العمل في لبنان إلى جانب أخيها سومر، وهي عبرت عن فخرها بهذا الإنجاز، موضحة أنهم يتلقون طلبات من عدد من الدول الراغبة بإنتاج جزر عائمة مشابهة. وكما سوار كذلك اللبنانيون سيفتخرون دومًا برسالة الإبداع هذه التي من شأنها أن تصدّر صناعة الجزر العائمة من لبنان إلى العالم.