"طالما أنت في لبنان يعني علقت بعجقة السير". لا يوجد سبب محدد، ربّما أحبّت البلدية شق الطرقات لتبدأ بتنفيذ مشروع إمدادات المياه، أو صُودف مرور موكب لشخصية "مستعجلة" أكثر من غيرها، ومن المحتمل وقوع حادث سير يشُل الحركة. ولكن مقابل الخط البحري، عند المسلك الشرقي للعبور من بيروت باتجاه صيدا، "عجقة" سير بطعم مختلف: نساء "يطاحشن" للوصول إلى المسبح كي يتمكن من الدخول مجّاناً قبل الساعة الحادية عشرة صباحاً.
من دون دفع
"عطلة نهاية الأسبوع ستكون مجنونة"، "هذا السبت والآحاد، الدخول ببلاش للبنات"، هكذا يطلق مسبح "لاغوافا" في منطقة الرملية "حملته" المجانيّة على مواقع التواصل الاجتماعي. عرض مميّز انضمّت إليه العديد من المنتجعات، إنّما بشروط مختلفة. يستقبل "الرميلة ريزورت"، مثلاً، الفتيات مجاناً من يوم الاثنين ولغاية يوم الجمعة. أما منتجع "أوسيانا"، في منطقة خلدة، فيفتح الأبواب أمامهن كل أيام الأسبوع، فيما يستقبلهنّ مسبح آخر مجّاناً كل يومَيْ خميس وجمعة.
العنصر الأساسي للاستفادة من هذا العرض هو الوقت. السير شبه متوقف على الطريق المؤدي إلى مسبح "لاغوافا". تترجّل زينة من السيارة وتركض مسرعة باتجاه المدخل، منادية صديقتها: "يلا، أسرعي لازم نفوت قبل الساعة 11". يفتّشهما الحارس عند الباب الرئيسي ومن ثم يدخلان، "وأخيراً لحقنا نوصل من دون ما ندفع ولا ليرة".
هذا الإغراء المادي كفيل بجذب مَن "معه أو ما معه مصاري" لأن "هيك أوفر"، بالنسبة إلى ميريام التي تقصد المسابح منذ سنتين، بعدما كانت تدفع أربعين ألف ليرة لبنانية تقريباً تكلفة دخول. "كنت أذهب مرة في الشهر إلى البحر، بينما بعد اعتماد الإجراءات المجانية صرت أرتاد المسابح مرّتين كلّ أسبوع"، تقول ميريام، وهي ممدّدة تحت أشعة الشمس للحصول على البرونزاج المطلوب.
يبدو واضحاً، عدم التوازن بين أعداد الفتيات والشبان داخل المسبح. لأنّ هذه الفرصة لا تحصل عليها سوى النساء، ما يثير امتعاض أمين، الذي يدفع أربعة وخمسين ألف ليرة لبنانية كي تطأ قدماه الـ "بيسين". يقول: "يكفي أنّنا المسؤولون عن تأمين شؤون المعيشة، من الحصول على شقة أو توفير مصروف البيت، أتت هذه الإجراءات لتزيد الطين بلة". يشاركه، فادي الرأي واصفاً السياسة المعتمدة من قبل بعض المنتجعات اللبنانية بـ "التمييزية"، لأن الأمر لا يقتصر على مجانيّة الدخول، إنّما يحظر دخول شبّان بمفردهم إلى المسابح. يقول مستهزئاً: "إذا أردت قضاء يوم العطلة في أحد المسابح التي تقدم عروضاً مجانيةً للنساء، فكل ما عليّ فعله هو مرافقة فتاة للسماح لي بالدخول".
أما أنور، الذي يدخل إلى المسبح برفقة شقيقته، فيرى أن الشروط المعتمَدة من قبل إدارة المسابح تدفع العديد من الشبان إلى ارتيادها لاغتنام فرصة التعرّف على البنات فـ "الجو يكون مرحاً ومسلياً، وهيدا المطلوب".
المنافسة
انتشار "ظاهرة" الدخول المجاني للفتيات، في ازدياد مستمر. فبعد أن كانت محصورة بعدد قليل من المسابح أصبحت "ترند" لا مفرّ منه. "اضطررنا لاعتماد هذه الإجراءات، للّحاق بالمسابح التي سبقتنا"، يقول مدير عام منتجع "أوتوبيا" مفيد نصر، والذي بدأ بتنفيذ "العرض" مع انطلاق موسم الصيف هذا العام.
أما بالنسبة لمديرة التسويق في منتجع "الرميلة ريزورت" نسرين نمر، فمبدأ المنافسة هو ما دفع إدارة المسبح لتطبيق "السياسة المجانية" ذاتها. إلّا أنّ الإجراءات لا تقف عند هذا الحد، فهناك لجنة على ما يبدو متخصّصة في تصنيف الزوار، "لأنّ الرميلة ريزورت لا يقبل بالحراتيق فالشاب غير المرتب، والمجموعة التي تبدو أنّها من الزعران وغير الأنيقين، يمنع تخطّيهم بوّابات المسبح". وفق ما تقول نمر وعند سؤالها عن نوعية الرواد المرحَّب بهم تجيب بكلّ ثقة: "هم الطبقة الراقية والجميلة".
(سارة حطيط - السفير)