لا يُطاول الإيجار التملكي ذوي الدخل المحدود لا من قريب ولا من بعيد.
هيثم العجم
22 آب 2013
تحسن أداء القطاع العقاري في لبنان خلال تموز الماضي، اذ وصل عدد المعاملات العقارية الى 6 الاف و184 معاملة، مقارنة بـ 5 آلاف و901 خلال حزيران الماضي. اما على صعيد تراكمي، فتراجع عدد هذه المعاملات بنسبة 5,16% على صعيد سنوي الى 38 الفا و127 معاملة حتى تموز الى 843,72 مليون دولار في مقابل 784,75 مليونا خلال حزيران. في المقلب الآخر، يبذل ذوو الدخل المحدود جهودا لتأسيس منزل الاحلام، فهل يفي مشروع الايجار التملكي بالغرض؟
سجلت قيمة المعاملات العقارية خفضا سنويا بنسبة 2,87% الى 4,65 مليارات دولار في نهاية تموز الماضي، في مقابل 4,79 مليارات خلال الفترة عينها في 2012. وزادت قيمة المعاملات العقارية الواحدة الى 122,022 دولارا في مقابل 119,082 دولارا خلال الاشهر السبعة الاولى من 2012. علما ان حصة الاجانب من عمليات البيع زادت الى 1,88% حتى تموز 2013 من 1,86% في نهاية حزيران الفائت.
تدرس حاليا لجنة فرعية منبثقة من لجنة الإدارة والعدل آلية تطبيق قانون الإيجار التملكي الذي يُعتبر فكرة رائدة في حال اتباع المعايير المعتمدة في العديد من الدول التي تجهد لتوفير المسكن اللائق لمواطنيها. إلا ان ما يجري التحضير له في لبنان لا يطمئن النفوس، اذ ان البعض حاول جاهداً ان يروج بأن الإيجار التملكي هو الحل الأمثل للمستأجرين القدامى "الا ان الواقع أثبت استناداً الى التصاريح الإعلامية للعديد من المتابعين لهذا الملف، انه لا يطاول لا من قريب ولا من بعيد هذه الفئات من المجتمع اللبناني، بل يشمل فئات ذات قدرات مالية معينة تستطيع ايفاء مستلزمات القرض السكني منهم اسوة ببعض المستأجرين الميسورين وفئات الشباب الذين يحتاجون الى وحدة سكنية".
وفق رئيس لجنة دعم حقوق المستأجرين المهندس الإستشاري انطوان كرم، "باتت الدولة عاجزة عن القيام بواجبها تجاه أبنائها، اذ اصبحت تبتدع الحلول المنقوصة والفاشلة بعدما تفاقمت الأمور وتعاظمت من جراء الأخطاء التشريعية المتراكمة التي ادت الى استفحال الأمور، في ظل استحالة ايجاد الحلول الناجعة"، مشيرا الى "ان التضليل والتحايل على المواطن هما سيدا الموقف بعد ابتداع مشروع قانون الإيجارات العتيد من لجنة الإدارة والعدل الذي خلص الى واقعة اخلاء جميع المستأجرين القدامى من الأحياء السكنية في المدن والضواحي بعد فترة زمنية من دون تعويض، وذلك لمصلحة المالك القديم، على ان يتم تعويضهم عبر فبركة كذبة كبرى عنوانها تملّك مساكن جديدة خارج المدن عبر الإيجار التملكي".
وقال ان الترويج المتعمد بأن المساكن المعدة للإيجار التملكي لن يتعدى ثمنها 40 الى 50 الف دولار، وتاليا فالأقساط الشهرية هي بمعدل 150 الى 200 دولار شهرياً هو قول خبيث ومجاف للواقع، "اذ يُقصد منه زعزعة ثقة المستأجرين القدامى بممثليهم تمهيداً لتنفيذ مخططهم الجهنمي الآيل الى تقبلهم لمشروع قانون الإيجارات التهجيري".
أضاف كرم "ان الصحيح ان كلفة المتر المربع الواحد من البناء المتوسط تراوح ما بين 400 الى 500 دولار، من دون احتساب سعر أرض العقار والأرباح المضافة، أي ان شقة سكنية صغيرة بمساحة 120 مترا مربعا اينما وجدت على الأراضي اللبنانية، ساحلاً أو جبلاً، ستكون كلفة بنائها بين 48 الف دولار و60 الفا، يضاف اليها ما ينوبها من سعر متر الأرض وفق عامل الإستثمار الذي تخضع له، تضاف اليها ارباح المستثمر لتصبح القيمة البيعية للمتر المربع الواحد بمعدل وسطي 1300 دولار جبلاً و1700 دولار في ضواحي المدن، و3 الاف دولار داخل المدن، ولا يُغفل إضافة فائدة القرض السكني من المصارف المشاركة وهي بالطبع ليست "كاريتاس".
وخلص كرم الى "ان قيمة الشقة السكنية البالغة 120 مترا مربعا من دون احتساب فوائد القرض، ستصبح بمعدل تقريبي كالآتي: 156 الف دولار جبلاً و204 الاف دولار في ضواحي المدن و360 الفا داخل المدن، وتاليا فان القسط الشهري وعلى امتداد 25 سنة وبفائدة متدنية 4%، سيُراوح حكماً في حده الأدنى بين 1040 دولارا جبلاً و1360 دولارا في ضواحي المدن و2400 دولار داخل المدن. وهنا، يظهر جلياً وبالأرقام التضليل الحاصل".
اقتراحات حلول
هل ثمة اقتراحات حلول تفي بالغرض في هذا الشأن؟ اوضح كرم "ان ابتكار الحلول يبدأ في إعادة إحياء وزارة الإسكان بكامل كادراتها، والتي تعتبر من الوزارات السيادية في الدول المعاصرة التي تجهد في وضع دراسات استراتيجية جدية بغية بلورة الخطط الإسكانية المستقبلية كي تجاري التطور الديموغرافي لشعوبها، معتمدة بذلك على احصاءات شاملة لعدد طالبي السكن، فكيف الحال ونحن امام مشكلة الإيجارات القديمة ومشروع القانون التهجيري الذي يُحضر له في كواليس المجلس الذي يحمل في طياته إزاحة اكثر من ربع سكان لبنان من مواقعهم الحالية ضمن المدن وضواحيها، وتاليا نحن امام معضلة توفير اكثر من 180 الف وحدة سكنية مفترضة للمستأجرين القدامى الحاليين خلال فترة قصيرة؟".
في المحصلة، ان التذرع بأن الدولة هي رب عمل فاشل، لا يعفيها من واجباتها الوطنية بأن تعمد عبر وزارة الإسكان المطلوب إعادة إحيائها، الى تنظيم الوضع السكني لمواطنيها بوضع خطط إسكانية طويلة الأمد بالإستعانة بالخبرات وإشراك القطاع الخاص، في ظل توفير الحوافز الحقيقية والعملية بأن تعتمد نظام الـ BOT مع شركات الإعمار المحلية والعالمية في سبيل انجاز خطة إعادة ترتيب الأحياء السكنية القديمة المترهلة لتنتقل بها الى مرحلة جديدة من التطور العمراني كي تجاري العصر. استناداً الى ذلك، فإن ذريعة العجز المالي للدولة وعدم قدرتها على توفير التمويل اللازم لهذه الخطط، تصبح منتفية حكماً.
[email protected]
http://newspaper.annahar.com/article/60041